ويروي عن ابن أبي الدنيا: قال عمر إياكم والفرقة بعدي فإن فعلتم فاعلموا أن معاوية بالشام فإذا أوكلتم إلى رأيكم عرف كيف يستبدها منكم (12)..
وكان أبو سفيان وولده معاوية يعاملان معاملة المؤلفة قلوبهم حتى عهد عمر الذي ألغى نصيب المؤلفة قلوبهم وولى معاوية على الشام (13)..
أما الأحاديث التي وردت في مدح بني أمية فعلى رأسها الأحاديث التي تمدح الشام وأهلها وهي مقر بني أمية ومركز حكمهم كما هو معروف (14)..
وروي عن عثمان أنه قال: لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا من عند آخرهم (15)..
ويحاول كتاب السنن اختلاق الفضائل لمعاوية وأبيه ورفع مكانتهم وتنقية صورتهم على لسان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)..
يروي مسلم أن أبا سفيان قال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يا نبي الله ثلاث أعطنيهن. قال نعم. قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها. قال نعم. قال ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك. قال نعم. قال وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين. قال نعم (16)..
ومثل هذه الرواية إنما تثير في النفس تساؤلات كثيرة في مقدمتها:
هل الفضائل تستجدى وتطلب أم تمنح من الرسول؟.
وما هي الفضيلة التي ينص عليها هذا الحديث لأبي سفيان؟.
وهل من الخلق أن يتحدث أبو سفيان مع الرسول بهذا الأسلوب عارضا ابنته عليه بصورة توحي وكأن للنساء مدخلا لقلبه؟.
ثم كيف يجيبه الرسول على مطالبه بهذه البساطة؟.
وكيف لمثل أبي سفيان أن يطلب أمرة المسلمين في القتال وهو محاط بالشك والكراهية من المؤمنين هو وولده؟.
إن مثل هذا الحديث يحمل مغالطة تأريخية خطيرة وهي أن الثابت من خلال كتب القوم أن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوج أم حبيبة قبل الهجرة.