واستدل - أي بهذا الحديث - على استحقاق علي للخلافة دون غيره من الصحابة فإن هارون كان خليفة موسى. وأجيب بأن هارون لم يكن خليفة موسى إلا في حياته لا بعد موته. لأنه مات قبل موسى باتفاق (12)..
وقال عن حديث الراية: وقوله - أي الرسول - أن عليا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله أراد بذلك وجود حقيقة المحبة. وإلا فكل مسلم يشترك مع علي في مطلق هذه الصفة وفي الحديث تلميح بقوله تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) (آل عمران: 31) فكأنه أشار إلى أن عليا تام الاتباع لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى اتصف بصفة محبة الله له ولهذا كانت محبته علامة الإيمان وبغضه علامة النفاق (13)..
والقوم على ما هو واضح من حديث غدير خم في حيرة من أمرهم أمام قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): أذكركم الله في أهل بيتي. ولم يجدوا وسيلة لضرب هذا النص سوى تأويل المعنى المقصود بآل البيت فتارة يعرفونهم في حدود علي وفاطمة والحسن والحسين كما أقر بذلك مسلم في آية المباهلة وتارة يعرفونهم بآل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس..
وتارة أخرى يدخلون معهم نساء النبي وتارة يخرجونهم كما هو واضح من إجابتين متناقضتين لسؤال واحد في رواية واحدة. والهدف من ذلك هو تمييع فكرة آل البيت وتشتيتها بين نساء النبي وبني هاشم فتشتت القدوة أمام المسلمين ويفتح الباب بالتالي أمام القدوة الفاسدة لتحل محلهم..
ويبدو أن مسلم لم يسترح لهذه الرواية فقام بنقل رواية أخرى في حجة الوداع وهي في نفس المكان السابق ذكره - غدير خم - ليس فيها ذكر لآل البيت (14)..
وحتى يتم التمويه على آل البيت وحجبهم عن المسلمين اخترعوا رواية تناقض رواية غدير خم وتضرب وصية الرسول بآل البيت..
يروي مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله وسنتي (15).
ولقد اشتهرت رواية مالك على ألسنة القوم ومنابرهم وكتبهم بينما حجبت رواية مسلم حتى أصبح ذكرها محل استنكار ورفض (16)..