الخدعة ، رحلتي من السنة إلى الشيعة - صالح الورداني - الصفحة ٥٩
وهذه إشارة قوية على وضع هذا الحديث وكونه من اختراع السياسة (17)..
يروي مسلم أن أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا: والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها. فقال أبو بكر أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم. فأتى النبي فأخبره. فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك (18)..
وهذه رواية أخرى تؤكد التصور السابق وهو أن أبا سفيان لم يكن بصاحب مكانة حميدة بين صحابة رسول الله ولم يكن موضع احترام أحد إلا أذناب قريش من أهل القبلية والمنافقين والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا دافع أبو بكر عن أبي سفيان؟.
هل كان يجهل وضع هذا الرجل وتاريخه؟.
وهل كان أبو سفيان ما يزال شيخ قريش وسيدها؟.
إن رد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على أبي بكر لهو أكبر دلالة على أن موقف هؤلاء الصحابة من أبي سفيان هو الموقف الشرعي وأن أبا بكر تجاوز هذا الموقف وانحرف عنه.. وجعل البخاري لمعاوية بابا أسماه باب ذكر معاوية ليس فيه شئ يحسب لمعاوية. فهو لا يحوي سوى رواية على لسان ابن عباس تشهد له بالصحبة تارة وبالفقه تارة أخرى (19)..
يقول ابن حجر معلقا على الباب بقوله: عبر البخاري بقوله ذكر ولم يقل فضيلة ولا منقبة لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب لأن ظاهر شهادة ابن عباس له بالصحبة والفقه دالة على الفضل الكثير. ونقل عن إسحاق بن راهويه قوله: لم يصح في معاوية شئ. وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما (20)..
وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية؟
فأطرق ثم قال: اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا.

(١٧) - أنظر كتب سيرة الرسول. وهناك رواية مشهورة في هذه الكتب عن صدام وقع بين أبي سفيان وابنته حين قدم المدينة ورفضت استقباله في بيتها.
(١٨) - مسلم كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل صهيب وسلمان وبلال.
(19) - هناك روايتان في البخاري على لسان ابن عباس الأولى تقول عن معاوية حين أوتر بركعة واحدة واستفز هذا الأمر مولى ابن عباس: دعه فإنه قد صحب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)).
والثانية تقول: إنه فقيه. ويذكر أن مسلم لم يذكر عن معاوية شيئا..
(20) - فتح الباري (ج 7 / 107). وقد قال إسحاق بن راهويه أستاذ البخاري: لم تصح في معاوية منقبة.
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 55 56 57 58 59 60 61 63 64 65 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 5
2 أول الطريق 9
3 تشريح الواقع 12
4 الاخلاق 14
5 رحلات 17
6 هوامش 20
7 التحرر من الماضي 21
8 تيار التكفير 24
9 فكرة الحاكمية 26
10 كبت العقائد 29
11 الفرقة الناجية الاتباع 31
12 هوامش 34
13 الدين و التراث 37
14 ما هو الدين؟ 40
15 ما هو التراث 42
16 الحق و الباطل 44
17 التراث السني و التراث الشيعي 49
18 هوامش 52
19 رحلة الشك 53
20 بنو أمية 56
21 هوامش 61
22 التأويل و التبرير 63
23 هوامش 70
24 الرسول و النساء 73
25 هوامش 79
26 علم الحديث 81
27 هوامش 90
28 الصحابة 93
29 هوامش 99
30 الاجتماع 101
31 هوامش 107
32 تضخيم الرجال 109
33 تجريح الامام علي 112
34 العشرة المبشرون بالجنة 115
35 هوامش 122
36 عمر 125
37 هوامش 132
38 عثمان 135
39 هوامش 142
40 الطرح الشيعي 143
41 القرآن و العقل 146
42 الامام علي 148
43 الاجتهاد 150
44 هوامش 153
45 إشكاليتان 155
46 مكمن الإشكالية 157
47 مسالة العصمة 162
48 الغيبة 165
49 هوامش 171
50 بعد التشيع 173
51 الشخصية المصرية 176
52 مع حركة التشيع 184
53 هوامش 187
54 القرآن 189
55 جمع القرآن 191
56 مصاحف الصحابة 196
57 ترتيب القرآن 202