قاصرة ومن زاوية معزولة. إذ كنت أنظر من دائرة نتناولهما كمسألتين مستقلتين معزولتين عن أطروحة آل البيت. وقد تساويت في هذه النظرة مع الآخرين من التيارات المناوئة التي تستفزها المسألتين وتريد أن تبحثهما مجردتين عن أطروحة وخط آل البيت. إن قضيتي العصمة والغيبة ترتبطان ارتباطا وثيقا بقضية الإمامة التي تعد الأصل الذي نبعت منه هاتان المسألتان. وبدون استيعاب قضية الإمامة لن يتحقق استيعابهما..
الإمامة هي الأصل والعصمة والغيبة فرعان من فروعها..
وفهم الإمامة يقود إلى فهم العصمة والغيبة..
والجهل بالإمامة سوف يقود إلى رفضهما..
من هنا عدت من جديد إلى بحث قضية الإمامة والتعمق فيها وبرزت أمامي نتيجة هامة وهي أن اعتبار الإمامة أصل من أصول الدين له ما يبرره شرعا وعقلا. وأنها المرتكز الأساسي الذي يرتكز عليه الإسلام وبدونها تضيع معالمه وتذهب هويته ويسهل تشويهه وتحريف نصوصه..
ولن يتم فهم قضية الإمامة إلا باعتبارها أصلا من أصول الدين. فإن النظر لها كقضية هامشية سوف لا ينبني عليه شئ وهو ما عليه القوم وما يتبنونه تجاه هذه القضية وهذا يقودنا إلى إلقاء الضوء على نظرة فقهاء القوم لهذه القضية..
يقول الشهرستاني: ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثل ما سل على الإمامة (1)..
ومثل هذا التصريح من الشهرستاني إنما يؤكد خطورة قضية الإمامة وعظيم مكانتها وينفي محاولة تهميشها وتفريغها من مضمونها الحقيقي. إلا أن القوم خلطوا ما بين الإمامة والخلافة واعتبروا الإمامة مفهوما ينحصر في الحكم وهو ما قصده الشهرستاني..
ومن هنا فالإمامة عند القوم لا تخرج عن كونها منصبا اجتماعيا يهدف إلى تسييس الأمة ولا يشترط في صاحبها سوى القرشية والكفاءة. أما مسألة العدالة فهي ليست شرطا وعلى هذا الأساس يمكن أن يحكم الفاسق المسلمين وتجب طاعته