الطرف السني الذي لا زال يعيش على استفتاء أهل القبور ومن أهم نتائج فتح باب الاجتهاد عند الشيعة المرونة في مواجهة الواقع والارتباط به فلم أجد عند الشيعة تلك القضايا الهامشية والسطحية التي ينشغل بها الواقع السني مثل قضية اللحية والجلباب وغطاء الوجه بالنسبة للمرأة وتحريم الفن والثقافة وتجنب السياسة ومحاربة المسيحيين وغير ذلك من القضايا التي يعود سببها إلى الانعزال عن الواقع والكفر به..
المؤسسة الدينية وما يميز المؤسسة الدينية عند الشيعة هو استقلالها عن الحكام وبعدها عن سيطرتهم مما أكسبها مواقف سياسية شجاعة أسهمت في إحداث تغييرات فعالة في مجتمعاتها..
وهذه الاستقلالية إنما يعود سببها إلى ارتباط المؤسسة الدينية بالشارع والجماهير التي تدين لها بالطاعة والولاء وتسلمها أموالها وتذعن لأحكامها..
أن رجال الدين عند الشيعة إنما يتقاضون أجورهم من الجماهير لا من الدولة.
فمن ثم فإن المؤسسة الدينية إنما تعتمد على الجماهير وتعبر عنهم ولا تخشى الحاكم لكونه لا سلطان له عليها..
وعلى وجه المثال لا يمكن أن تجد مجتهدا يجلس في بيته أو مكتبه تعلوه صورة حاكم من الحكام فإن هذا الأمر لا يفعله حتى طالب من طلاب العلم الشيعة..
ومن الأمور التي تعكس ارتباط المؤسسة الدينية بالشارع عند الشيعة ثورة التبغ حين أصدر أحد المراجع فتوى بتحريم التبغ بهدف ضرب الشركات الأجنبية فانصاعت الجماهير لهذا الحكم وضربت المصالح الأجنبية بهذه الفتوى البسيطة (8)..
هناك ثورة الدستور التي قادها عدد كبير من الفقهاء عام 1906 م والتي انتهت بصدور دستور في إيران تقيد بالشريعة الإسلامية ومنح الفقهاء سلطة مراقبة القوانين (9)..
وما نجاح الثورة الإسلامية في إيران إلا بهذه الخاصية. ولو لم يكن هناك