الأول: أن تتلقى الأمة دينها من الحكام..
والثاني: أن تتلقى دينها منهم..
وقد اختارت الأمة الخيار الثاني وإن كانت الحقيقة أنها ألزمت بالخيار الأول لكون الفقهاء قد جعلوا الدين في خدمة الحكام..
وكلا الطرفين: الحكام والفقهاء عجزا عن سد الفراغ الذي حدث بغياب الإمام الشرعي أو النموذج الحقيقي للإمامة..
ويتطلب فهم العصمة أيضا فقه دور الإمام الشرعي: هل هو الحكم والرياسة. أم التعبير عن الإسلام والتحدث باسمه. أم كلاهما معا؟..
لو كان هناك امتداد للرسالات الإلهية بعد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لكان من الممكن أن نتبنى الإجابة الأولى وهي أن دور الإمام هو حكم الأمة ورياستها. إلا أنه بما أن الرسول هو خاتم الرسل فلا بد أن يكون منصب الإمام له اعتبارات ودور آخر وهو سد الفراغ الذي حدث بغياب الرسول والحيلولة دون ارتداد الناس عن الإسلام..
إن الإمام هو النموذج النبوي الذي تستظل به الأمة من بعد الرسول. وما دام هو نموذجا نبويا فلا بد أن يكون فيه من خصال النبوة وخصائصها. أما إذا اعتبرنا الإمامة فكرة عائمة تنطبق على أي شخص كما يقول فقهاء القوم فإن هذا يعني الاستهانة بها وبدورها. وإذا كانت الإمامة تنطبق على الفاسق فإنها بهذا تكون قد أفرغت من دورها. إذ ما هو الدور الذي سوف يلعبه في واقع الأمة إمام فاسق؟.
فقهاء القوم بالإضافة إلى عزلهم آل البيت عن الإمامة وتنصيب الحكام أئمة مكانهم عزلوا الإمامة عن الإسلام أيضا. فأصبح الحكم في أيدي الساسة والدين في أيديهم وبالتالي شتت الإسلام بين هواهم وهوى الحكام والضحية هم المسلمون..
وما دام قد تبين أن دور الإمام هو حفظ الدين والتعبير عنه في الأساس من أجل إقامة الحجة على الناس بعد الرسول فهذا يتطلب توافر صفة العصمة في الإمام.