وروى أبو الحسن علي بن محمد المدائني (135 ه / 752 م - 235 ه / 850 م) (1) عن عبد الله بن جنادة، خطبة الإمام علي، عليه السلام، في أول إمارته، حيث قال فيها:) أما بعد، فإنه لما قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم، قلنا: نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه، دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، ولا يطمع في حقنا طامع، إذا انبرى لنا قومنا، فغصبونا سلطان نبينا، فصارت الإمرة لغيرنا، وصرنا سوقة، يطمع فينا الضعيف، ويتعزز علينا الذليل، فبكت الأعين، منا لذلك، وخشيت الصدور، وجزعت النفوس، وأيم الله، لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر، ويبور الدين، لكنا على غير ما كنا لهم عليه، فولي الأمر ولاة لم يألوا الناس خيرا، ثم استخرجتموني، أيها الناس، من بيتي، فبايعتموني على شين مني لأمركم، وفراسة تصدقني ما في قلوب كثير منكم...) (2).
وأما عن الفترة منذ قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى بيعة الإمام بالخلافة، فيلخصها الإمام في قوله الذي رواه ابن الأثير بسنده عن يحيى بن عروة المرادي قال: سمعت عليا، رضي الله عنه، يقول: (قبض النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أرى أني أحق بهذا الأمر، فاجتمع المسلمون على أبي بكر، فسمعت وأطعت، ثم إن أبا بكر أصيب، فظننت أنه لا يعدلها عني، فجعلها في عمر، فسمعت وأطعت، ثم إن عثمان قتل، فجاءوا فبايعوني، طائعين غير مكرهين، ثم خلعوا بيعتي، فوالله ما وجدت إلا السيف، أو الكفر بما أنزل الله، عز وجل، على محمد صلى الله عليه وسلم) (3).