الكنائس من أعماله (2 / 47 و 11 / 21 و 23). ولذلك فالهدف التاريخي للكتاب مندمج في هدف إيماني بطريقة أكثر صراحة مما هي في الأناجيل. والمؤلف هو مؤرخ شأن مؤرخي إسرائيل القدماء، ولكنه مؤرخ مؤمن. فمن أراد أن يتفهمه. وجب عليه أن ينظر إلى إيمانه ومحتوى إيمانه، أي تفكيره اللاهوتي. فهذا التفكير اللاهوتي حاضر في كل صفحة من صفحات الكتاب، ولكن جوهره وارد في الخطب ولا سيما في الخطب الرسولية.
[تاريخ الخلاص] إن إعلان البشارة المسيحية هي إعلان تاريخ خلاص صانعه الأكبر هو الله، الله الذي خلق الكون (17 / 24 الخ) واختار إسرائيل (3 / 25 و 13 / 17 الخ). فالعهد القديم هو في قلب تاريخ العالم وهو جزء من الإنجيل على أنه مرحلة أولى (13 / 17 - 22 و 7 / 2 - 50) وزمن الصور المسبقة (7 / 25) ولا سيما زمن الموعد والنبوات التي كانت تنبئ بالتدبير الإلهي (2 / 23).
يبدأ زمن الإتمام (3 / 18) حين " يقيم " الله يسوع (3 / 22 و 26 و 13 / 23) ويتبنى حياته وتبشيره ومعجزاته (1 / 22 و 2 / 22 و 10 / 36 - 38). وآلام يسوع وموته تواصل إتمام التدبير الإلهي، دون أن يعلم اليهود بذلك (3 / 13). وعندما يقيم الله يسوع من بين الأموات ويجعله " ربا ومسيحا " (2 / 36) ويهب له الروح الموعود به (2 / 33)، يتم حينئذ " الوعد الذي وعد به الآباء " (13 / 22).
[يوم الله هو هذا اليوم] في رأي سفر أعمال الرسل، إن ما يرى وما يسمع (2 / 33) منذ قيامة يسوع من بيت الأموات يواصل إتمام النبوات (2 / 16 - 21 و 13 / 40 و 15 / 15 - 18 و 28 / 25 - 27). والله لا يزال الفاعل الأكبر، وإن أصبح يسوع غير منظور، فإنه لا يزال مع الله مركز الأحداث. فرسالته تستمر (3 / 26) وهو يفيض الروح (2 / 33) الذي ينعش حياة الكنيسة ويبشر، بلسان بولس، " الشعب والوثنيين بالنور " (26 / 23).
يحسن بنا أن ننوه بأن رواية " حاضر " تاريخ الخلاص هذه ليست من ابتكار مؤلف سفر أعمال الرسل، فإننا نجدها عند بولس. فالاهتمام الذي يوليه بولس لصليب وقيامة يسوع وفيه " مواعد الله لها هي نعم " (2 قور 1 / 20) يحمله على التفكير والعمل في نظره إلى " حاضر " (2 قور 6 / 2) لا تزال الكتب تتم فيه، في الخلاص بالإيمان على سبيل المثل (غل 3 / 6 - 9 وروم 1 / 17 والفصل الرابع الخ). فإعلان البشارة، في نظره كما في نظر سفر أعمال الرسل، ما هي إلا كلمة الله العاملة والمنتشرة (1 تس 2 / 13 و 2 تس 3 / 1 وقول 1 / 5 - 6) والمؤيدة في صحتها بالآيات (روم 15 / 19 و 2 قور 12 / 12). إهتداء بولس جزء من التدبير الإلهي (غل 1 / 11 و 15 الخ) وحياة الكنائس تبدو له تابعة لزمن يسوع (1 تس 2 / 14).
[كلمة الله و " مجالها ": نسق سفر أعمال الرسل] هذا " الحاضر " هو أولا، في نظر سفر أعمال الرسل، زمن كلمة الله والبشارة والشهادة التي تعلن