الله، ويطيعون رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، ومن بلغهم من الصادقين عن النبي شيئا قبلوه، ومن فهمهم من القرآن والسنة ما دل عليه القرآن والسنة استفادوه، ومن دعاهم إلى الخير الذي يحبه الله والرسول أجابوه.
ولم يكن أحد منهم يجعل شيخه ربا، يستغيث به كالإله الذي يسأله، ويرغب إليه، ويعبده، ويتوكل عليه، ويستغيث به حيا وميتا، ولا كالنبي الذي تجب طاعته في كل ما أمر...
وأكثر المسلمين بالمشرق والمغرب، لم يأخذوا عن علي شيئا، فإنه رضي الله عنه كان ساكنا بالمدينة.
وأهل المدينة لم يكونوا يحتاجون إليه، كما يحتاجون إلى نظائره، كعثمان في مثل قضية تشاورهم فيها عمر، ونحو ذلك.
ولما ذهب إلى الكوفة، كان أهل الكوفة قبل أن يأتيهم قد أخذوا الدين عن سعد بن أبي وقاص، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة بن اليمان، وعمار بن ياسر، وأبي موسى الأشعري، وغير هؤلاء، ممن أرسله إلى الكوفة.
وأهل البصرة أخذوا الدين عن عمران بن حصين، وأبي بكر، وعبد الرحمن بن سمرة، وأنس بن مالك، وغيرهم من الصحابة.
وأهل الشام أخذوا الدين عن معاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، وبلال بن رباح، وغيرهم من الصحابة.
والعباد، والزهاد، من أهل هذه البلاد، أخذوا الدين عمن شاهدوه من الصحابة، فكيف يجوز أن يقال: إن طريق الزهد والتصوف متصل به دون غيره، وهذه كتب الزهد، مثل الزهد للإمام أحمد بن حنبل، والزهد لعبد الله بن المبارك، والزهد لوكيع بن الجراح، والزهد لهناد بن السري، ومثل كتب أخبار الزهاد، كحلية الأولياء، وصفوة الصفوة، وغير ذلك، فيها من أخبار الصحابة والتابعين،