كاد أن يكون وجوبا، واللقاء والسماع وذكر ما تيسر من عداد من أثبته من الأئمة الحفاظ، والمحدثين الأيقاظ، رضي الله عنهم، فأراد محمد المشتهر بفخر الدين أن يشير إلى أناس ينكرونه، فقد وجد بعد التفتيش والفحص شرذمة من المتقدمة، وفرقة من المتأخرة.
فمن الأولى: من يقول: لم يثبت سماعه منه، أي عنده.
قال السيوطي في زاد المسير: الحفاظ مختلفون في سماع الحسن البصري من علي رضي الله تعالى عنهما، فمنهم من لم يثبته كالبخاري، ويحيى ابن معين.
ونقل في إتحاف الفرقة عن ابن حجر في تهذيب التهذيب: قال يحيى بن معين: لم يسمع الحسن من علي بن أبي طالب، قيل: لم يسمع من عثمان، قال:
يقولون عنه: رأيت عثمان قام خطيبا. وقال غير واحد: لم يسمع من علي رضي الله عنه انتهى. وسئل أبو زرعة: هل سمع الحسن أحدا من البدريين؟ قال: رآهم رؤية، رأى عثمان وعليا، فقيل: سمع منهما شيئا؟ قال: لا. وقال البزار: روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ولم يسمع منه، وبينهما قيس بن عباد وابن الكوا. ولم يثبت له سماع من أحد من أهل بدر.
قلت: قد صح عند سائر أئمة الشأن، بوجوه ثابتة، سماعه من عثمان زمان اجتماعهما هما وعلي، في مكان، وكذا اجتمع بالمرتضى بعده إلى مدة، فقد سمع منه علوما جمة لا محالة، كما مضى في المقدمة، وكفى ردا على ابن معين وموافقيه، برواية صاحبه أبي يعلى الصحيحة على شرطه، وتشديد هؤلاء العلماء في الأسانيد، واعتمادهم على استقرائهم، معلوم لا يحتاج إلى بيان.
قال الذهبي، في فصل ذكره بعد تصنيف الميزان - عقب نقل كلام ابن معين في الإمام الشافعي - فقد آذى ابن معين نفسه بذلك، ولم يلتفت أحد إلى كلامه