وقال صاحب القرة بعد إيراد تلك الكلمات في السلسلة المرتضوية: إذا اتضحت هذه المقدمات، فلزم أن نقرر رفع سلاسل الصوفية من جهات متعددة، فنقول: مثلا صحب إبراهيم والفضيل سفيان، وحصلا منه تهذيب النفس، وهو من الأعمش، وهو من أصحاب ابن مسعود.
قلت: يا سبحان الله، هل يركب الأسانيد من عنده، من غير أن يكون لذلك عند من يستعمل هذه الروايات أصل؟! وهل معنى وضع الإسناد غير هذا؟! ولم يتذكر قوله: ينبغي أن يذكر في المطالب النقلية الوقوع لا الإمكان، والله المستعان.
قال: وهذه المقالة أصدق وأحق من قولهم: إن الفضيل أخذ هذا الفن عن عبد الواحد بن زيد، وهو عن الحسن، وهو عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، لأن انتساب الفضيل إلى سفيان أظهر في كتب الحديث وطبقات الصوفية من انتسابه إلى عبد الواحد.
قلت: ليست كتب الحديث موضع رواية أخذ الصوفية علم الباطن عن شيوخهم، حتى يذكر ذلك فيها، وينكر ما ينافيها، وكتب طبقات الصوفية التي ألفها من لا يسند الطريقة إلى الفضيل، فضلا عن أن يكون أعلم بروايته من غيره، كالقشيري والهروي، ليست بحجة، مع كونهم لم ينفوا ذلك، على أن المثبت مقدم على النافي، ولم يتعرض لإسناد إبراهيم عن الفضيل، ولا لإسناد عبد الواحد عن الحسن، لأنه مستعمل عند الكل فتأمل. ثم أطال المقال من هذا النمط، في غاية السقط والغلط، نعوذ بالحق مما يستحق منه السخط.
(فإن الجنيد رضي الله عنه صحب السري، والسري صحب معروفا الكرخي بلا ريب. وأما الإسناد من جهة معروف فمنقطع، فتارة يقولون إن معروفا صحب علي بن موسى الرضا).