النبي ليس بصاحب مذهب، بل هو صاحب الشريعة، لأن المذهب طريق فهم الأحكام، حيث يقرر صاحب المذهب قواعد عقلية يستنبط منها المسائل الشرعية، ولذلك يحتمل الخطأ والصواب فيه.
أما الإمام فهو معصوم من الخطأ، وحكمه حكم النبي، فلا يصح نسبة مذهب إليه، ومن هنا ينسب المذهب إلى غير الله وجبريل والملائكة والأنبياء، بل لا ينسب إلى فقهاء الصحابة وهم أفضل من أبي حنيفة والشافعي عند أهل السنة...
وفي الحقيقة: إن الحكمة من نصب الإمام هو إصلاح الأرض، وإزالة الفساد عنها، فيكمل الإمام موارد النقص في الفنون، ويترك ما صح منها على صحته، لئلا يلزم تحصيل الحاصل، وإهمال الأمور الضرورية.
فقام الأئمة في أيامهم بأهم الأمور، وهو وضع مقدمات السلوك والطريقة، ووضعوا القيام بأمور الشريعة على عواتق الصحابة، وتوجهوا نحو العبادة والرياضة، وتزكية الباطن، وقراءة الأذكار والأدعية والصلوات، وتهذيب الأخلاق، وتعليم أسرار السلوك، وإرشاد الناس إلى الحقائق ومعارف الكتاب والسنة، وآثروا العزلة والخلوة... " (1).
فكلام (الدهلوي) صريح في أن هداية الناس إلى الحقائق الباطنية، وإرشادهم إلى المعارف المعنوية، أهم من استنباط الأحكام الشرعية، وبيان الوظائف الظاهرية...
ولا ريب في أن من يقوم بالأمر الأفضل، أفضل ممن لا يقدر على ذلك الأمر فيشتغل بغيره... فهذه جهة.
ومن جهة أخرى: صرح (الدهلوي) بأن حكم أئمة أهل البيت حكم