كتاب كتائب أعلام الأخيار وقد ذكر الكفوي في خطبة كتابه ما نصه:
" وبعد، فإن سنة الله الجليلة الجارية في بريته، ونعمته اللطيفة الجارية على خليقته أن يحدث في كل عصر من الأعصار طائفة من العلماء في المدائن والأمصار، يتجاولون تجاول فرسان الطراد في مضمار النظار، ويتصاولون تصاول آساد الجلاد في معترك التنظار، لله درهم، لا زال كرهم وفرهم، فجعل توفيقه رفيقهم وسهل إلى اقتباس العلم طريقهم، بحيث يجمع في كل منهم العلم والعمل، ويشاهد فيهم حلاوة الفهم والأصل، فيفوض إليهم خدامة القضاء والفتوى ويفاض عليهم نعمة الدنيا والعقبى، إذ يتم بحكمهم وعلمهم حكم الدين ومهام الأمة، وينتظم برأيهم وقلمهم مصلحة الخاصة والعامة، فإن لله تعالى في قضائه السابق وقدره اللاحق، وقائع عجيبة ترد في أوقاتها وقضايا غريبة تجري إلى غاياتها، ولولا وجود تلك الطائفة العلية المتحلية بالفضائل الجلية من يقوم بكشف قناع هذه الوقائع، ومن يلتزم بحل مشكلات هذه البدائع، وهذا هداية من الله تعالى، والحمد لله الذي هدانا لهذا.
ثم الحمد لله على ما أسبغ من نعمائه المتوافرة وآلائه المتكاثرة على هذا العبد الذليل الفقير إلى رحمة الله الجليل القدير، خادم ديوان الشرع المصطفوي محمود بن سليمان الشهير بالكفوي، بصره الله بعيوب نفسه وختم له بالخير آخر نفسه، وجعل يومه خيرا من أمسه، حيث وفقه في العقائد أحقها وأتقنها، ويسره من المذاهب أصوبها وأوزنها، وأعطاه من العلوم أشرفها، وأولاه من الفنون ألطفها، ومن لطائف تلك النعم الجليلة وجلائل هاتيك الآلاء الجزيلة، ما ساقه إلى جمع أخبار فقهاء الأعصار من ذي الفتيا وقضاة الأمصار، من لدن