واللفظ فيه أظهر، مع الأشعار الصحيحة والأخبار المستفيضة في حياة رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وبعد وفاته، وليس بين الأشعار والأخبار فرق إذا امتنع في مجيئها وأصل مخرجهما التساعد والاتفاق والتواطؤ.
ولكن ندع هذا المذهب جانبا ونضرب عنه صفحا اقتدارا على الحجة، ووثوقا بالفلج والقوة، على أدنى منازل أبي بكر وننزل على حكم الخصم فنقول:
إنا وجدنا من يزعم أنه أسلم قبل زيد وخباب، ووجدنا من يزعم أنهما أسلما قبله، وأوسط الأمور أعدلها وأقربها من محبة الجميع ورضا المخالف أن نجعل إسلامهم كان معا، إذا الأخبار متكافئة والآثار متساوية على ما يزعمون، وليست إحدى القضيتين أولى في صحة النقل عن الأخرى.
ويستدل على إمامة أبي بكر بما ورد من الحديث، وبما أبانه به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من غيره...
قالت العثمانية: فإن قال قائل: فما بالكم لم تذكروا علي بن أبي طالب في هذه الطبقة؟ وقد تعلمون كثرة مقدميه والرواية فيه؟
قلنا: قد علمنا بالرواية الصحيحة والشهادة القائمة أنه أسلم وهو حدث غرير وطفل صغير، فلم نكذب الناقلين ولم نستطيع أن نلحق إسلامه بإسلام البالغين، لأن المقلل زعم أنه أسلم وهو ابن خمس سنين، والمكثر زعم أنه أسلم وهو ابن تسع سنين، فالقياس أن يؤخذ بين الروايتين وبالأمر بين الأمرين، وإنما يعرف حق ذلك من باطله بأن يحصى سنيه التي ولي فيه، الخلافة، وسني عمره، وسني عثمان، وسني أبو بكر، ومقام النبي بالمدينة ومقامه بمكة عند إظهار الدعوة، فإذا فعلنا ذلك صح أسلم وهو ابن سبع سنين. فالتاريخ المجمع عليه أنه في شهر رمضان سنة أربعين