ودخل الجاحظ الوراقين ببغداد فقال: من هذا الغلام السوادي الذي بلغني أنه تعرض لنقض كتابي؟ وأبو جعفر جالس، فاختفى منه حتى لم يره. وكان أبو جعفر يقول بالتفضيل على قاعدة معتزلة بغداد ويبالغ في ذلك، وكان علوي الرأي، محققا منصفا، قليل العصبية " (1).
كلام للسيد حيدر الآملي وللسيد حيدر الآملي (2) كلام جميل، فيه بعض التفصيل لما أجمله الإسكافي، يناسب إيراده في هذا المقام، وهذا نصه:
" ثم لا يغيب عن نظرك: أن الحاكم إذا لم يقتد بالنبي في حركاته وسكناته التزم أضداد ها، فيحتاج السلطان إلى المعاون والمعاضد والمشير والمساعد له على مقاصده وأغراضه ومطالبه وشهواته، في ارتكاب المحرمات وشرب المسكرات، وسماع الغنا والولوع بالمردان والتهتك مع النسوان، واجتذاب الأموال من غير حلها وعسف الرعية وذلها، فيضطر الملك والسلطان إلى شيطان يستره وفقيه ينصره وقاض يدلس له، ومتشدق يكذب لدولته، ورئيس يسكن الأمور، وطامع يشهد بالزور، ومشايخ تتباكى وشبان تتذاكى، ووجيه يهون الأحوال ويثيره على حب المال، وزاهد يلين الصعاب، وفاسق ينادم على الشراب، وعيون تنظر وألسنة تفجر، حتى ينام الخليفة أمير المؤمنين سكرانا، ويجد على فسوقه أعوانا.
ولا تقوم هذه المملكة إلا بدحض أضدادها، ولا تتم دعوة قوم إلا بهلاك