يا رسول الله، إمض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى (إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا ودعا له به " (1).
ولكن صنيع هؤلاء لا ينفع الشيخين بحال، فقد رفعت روايتا السيوطي والطبري الستار عن حقيقة أمرهما، وكشفتا النقاب عن باطن سرهما، وعلم أنه كيف أغضب عمر بكلامه رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه كيف أزال المقداد كربته بكلامه فدعا له وقال له خيرا، حتى تمنى ابن مسعود أن يكون صاحب هذا الموقف الكريم والمشهد العظيم..
(2) ما أخرجه الحاكم في كتاب قسم الفئ حيث قال:
" أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني، ثنا ابن أبي عزرة، ثنا محمد بن سعيد الإصبهاني، ثنا شريك، عن منصور، عن ربعي بن خراش، عن علي قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أتاه ناس من قريش فقالوا: يا محمد إنا حلفاؤك وقومك، وإنه لحق بك أرقاؤنا، ليس لهم رغبة في الإسلام، وإنهم فروا من العمل، فأرددهم.
فشاور أبا بكر في أمرهم فقال: صدقوا يا رسول الله.
فقال لعمر: ما ترى؟ فقال قول أبي بكر.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر قريش، ليبعثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للإيمان يضرب رقابكم على الدين.
فقال أبو بكر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا.
قال عمر: أنا هو يا رسول الله؟ قال: لا.