الحربي والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي وأبي بكر ابن خزيمة ومحمد بن جرير الطبري ومحمد بن نصر المروزي وغير هؤلاء إلى اجتهادهم واعتبارهم، مثل أن يعلموا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه، ويجتهدوا في تحقيق مناط الأحكام وتنقيحها وتخريجها، خير لهم من أن يتمسكوا بنقل الروافض عن العسكريين وأمثالهما، فإن الواحد من هؤلاء أعلم بدين الله ورسوله من العسكريين أنفسهما، فلو أفتاه أحدهما بفتيا كان رجوعه إلى اجتهاده أولى من رجوعه إلى فتيا أحدهما، بل هو الواجب عليه، فكيف إذا كان نقلا عنهما من مثل الرافضة، والواجب على مثل العسكريين وأمثالهما أن يتعلموا من الواحد من هؤلاء " (1).
أقول: ونحن لا يسعنا إلا أن نقول: * (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) * (2).
وقال السيوطي في (التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة): " وممن يصلح أن يعد على رأس الثلاثمائة: الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، وعجبت كيف لم يعدوه، وهو أجل من ابن شريح وأوسع علوما، وبلغ مرتبة الاجتهاد المطلق المستقل، ودون لنفسه مذهبا مستقلا، وله أتباع قلدوه وأفتوا وقضوا بمذهبه ويسمون الجريرية.
وكان إماما في كل علم من القراءة والتفسير والحديث والفقه والأصول وأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم والعربية والتاريخ، قال النووي: أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثل تفسيره. قال الخطيب: كان أئمة العلماء تحكم بقوله وترجع إليه، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره، قال ابن خزيمة: ما أعلم على الأرض أعلم من ابن جرير، وقد أراد الخليفة المقتدر بالله مرة أن يكتب كتاب وقف تكون شروطه متفقا عليها بين العلماء، فقيل له: