شأن الإمام عليه السلام وخلافته من بعده (وإلا فالأدلة على ذلك من الكتاب والاجماع والعقل وغير ذلك كثيرة لا تحصى) نرى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يواجه فرصة أو مناسبة إلا وقد انتهزها للتعبير عن تلك الحقيقة الراهنة بأحسن تعبير، فتارة يكني، وأخرى يشبه، وثالثة يصرح... وهكذا.
والسر في ذلك واضح، لأن نبينا صلى الله عليه وآله " ما كان بدعا من الرسل " الذين كانوا من قبله، فلقد كان لكل نبي من الأنبياء السابقين وصي أو أوصياء، يعرفونهم لأممهم بأمر من الله ونصب من قبله، إقامة لدينه، وحجة على عباده، لئلا يزول الحق عن مقره، ويغلب الباطل على أهله، ولئلا يقول أحد لولا أرسلت إلينا رسولا منذرا، وأقمت لنا علما هاديا، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى.
فكيف لا يكون له صلى الله عليه وآله وصي وأوصياء كذلك وهو خاتم الأنبياء؟ وشريعته خاتمة الشرائع؟
نعم، قد اختار الله سبحانه عليا والأئمة من بعده عليهم الصلاة والسلام خلفاء بعد النبي صلى الله عليه وآله في أرضه، وحججا على بريته، وحفظة لدينه، وأدلاء على صراطه...
بل يدل " حديث النور " بألفاظه المختلفة - ومثله " حديث الشجرة " - على أن رسول الله وعليا صلى الله عليهما وآلهما مخلوقان من أصل واحد، وأن الله تعالى قد اختار عليا للإمامة منذ اختياره محمدا للنبوة... ثم جاءت الأحاديث في حق علي على لسان النبي ليعلن إلى الناس عن ذلك الأمر الواقع الذي شاءه الله عز وجل... ومن تلك الأحاديث... " حديث الغدير "... الذي دل بكل وضوح على ثبوت كل ما ثبت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لسيدنا أمير المؤمنين عليه السلام إلا النبوة، لأنه خاتم النبيين.