فهم بعد ما رأوا أن لا جدوى في الكتمان والانكار، ولا في التحريف والاسقاط لجأ بعضهم إلى القول بأن عليا لم يكن مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع، فإنه كان باليمن، لكن رد عليه جماعة من أعلامهم - وفيهم بعض المتعصبين كابن حجر المكي - لمصادمته للواقع والحقيقة.
فقال بعضهم: هذا خبر واحد لا يفيد علما.
وأجاب عنه جماعة، منهم الحافظ ابن الجزري، فقال: " صح عن جماعة ممن يحصل القطع بخبرهم ".
فقيل: إنه حديث لم يخرجه الشيخان وأبو داود.
وأجيب: لو سلمنا بأن جميع ما في كتابيهما صحيح، فما الدليل على أن ما لم يخرجاه ليس بصحيح، وقد نص جماعة على أنه كم من صحيح لم يخرجاه؟
على أنه مخرج في كتابي الترمذي وابن ماجة وهما من الصحاح، وفي مسند أحمد وغيره من المسانيد، وفي المستدرك على الصحيحين، وفي المختارة للضياء، وغيرها مما التزم فيه بالصحة.
ولما رأى بعضهم أن كل هذا لا يجدي، ولا رواج له في سوق الاعتبار، ولا يقع موقع القبول حتى عند أهل مذهبهم، قالوا:
إن (مفعلا) لا يأتي بمعنى (أفعل) فليس " مولى " بمعنى " أولى ".
ولكن المرجع في أمثال هذا هو اللغة، وقد نص اللغويون على مجئ (مولى بمعنى (أولى)، وأنه قد ورد بهذا المعنى في الكتاب والسنة واستعمالات العرب، أضف إلى ذلك - في خصوص حديث الغدير - فهم الحاضرين في ذلك المشهد العظيم، فمنهم من اغتاض من هذا الكلام حتى سأل العذاب الواقع، ومنهم من سر به واقعا وظاهرا، وهم خواص الأصحاب الموالين لأمير المؤمنين، ومنهم من تظاهر بالسرور والفرح وهنأه، ولا تنس بعد ذلك شعر حسان بن ثابت وغير ذلك.
فعاد وقال: فأي دليل على أن يكون معنى الحديث: كون علي " الأولى