ومن هنا يظهر لك السر في اهتمام الإمام عليه السلام بنفسه، وكذا سائر أئمة أهل البيت، وعلماء الإمامية، بإثبات هذا الحديث الشريف سندا ودلالة، ونشره بين الأمة بشتى الوسائل والطرق، وبقائه في الأذهان والأفكار على مدى الدهور والأعصار، فترى الإمام يناشد الأصحاب بهذا الحديث في يوم الشورى، وفي يوم الرحبة، وفي يوم الجمل، والصديقة الزهراء تحتج به فيما رواه الحافظ ابن الجزري، وكذلك سائر أئمة أهل البيت.
بل احتج به بعض الأصحاب من خصماء علي عليه السلام، فقد احتج به سعد بن أبي وقاص عندما غضب من نيل معاوية منه عليه السلام، واحتج به عمرو بن العاص في كتاب له إلى معاوية فيما رواه الخوارزمي.
ولهذا السبب أيضا كثرت الكتب المؤلفة في هذا الحديث سلفا وخلفا من علماء الفريقين.
وعلى الجملة، فإنه حديث نزلت في مورده الآيات من القرآن الكريم، وحضر صدوره عشرات الألوف من المسلمين، واهتم به الأئمة المعصومون وكبار الأصحاب، ونص على تواتره كبار علماء المخالفين، وألف فيه المؤلفون من الفريقين.
وإن ما ذكرناه حول خطبة الغدير، والنكت الموجودة في بعض ألفاظ حديث الغدير وطرقه، وشدة الاهتمام به منذ صدر الاسلام إلى يومنا الحاضر... كل ذلك يشكل جانبا من جوانب دلالة حديث الغدير على الإمامة والخلافة.
تمحلات القوم في الجواب ومن جانب آخر اضطراب علماء القوم أمام حديث الغدير، وتمحلاتهم الغريبة في الجواب عنه، وسعيهم الحثيث في سبيل إسقاطه عن الاعتبار ومنع الاحتجاج به، فإن ذلك يكشف عن قوة هذا الاحتجاج، وتمامية دلالته على الخلافة والإمامة.