وأشهد أنه الذي تواضع كل شئ لقدرته، وخضع كل شئ لهيبته، ملك الأملاك ومفلك الأفلاك، ومسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار، ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد ومهلك كل شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي ويميت ويحي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويمنع ويعطي، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شئ قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، لا إله إلا هو العزيز الغفار، مجيب الدعاء ومجزل العطاء، محصي الأنفاس ورب الجنة والناس، لا يشكل عليه شئ، ولا يضجره صراخ المستصرخين، ولا يبرمه إلحاح الملحين، العاصم للصالحين والموفق للمفلحين، ومولى العالمين، الذي استحق من كل من خلق أن يشكره ويحمده.
أحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء، وأؤمن به وبملائكته وكتبه ورسله، أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه، وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته، لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، وأقر له على نفسي بالعبودية، وأشهد له بالربوبية وأؤدي ما أوحى إلي حذرا من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته، لا إله إلا هو، لأنه قد أعلمني أني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة، وهو الله الكافي الكريم، فأوحى إلي: بسم الله الرحمن الرحيم: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك - في علي [يعني في الخلافة لعلي بن أبي طالب عليه السلام] - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) *.
(معاشر الناس) ما قصرت في تبليغ ما أنزل الله تعالى إلي، وأنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية: إن جبرئيل عليه السلام هبط إلي مرارا ثلاثا، يأمرني عن السلام ربي وهو السلام: أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي ابن أبي طالب أخي ووصيي وخليفتي، والإمام من بعدي، والذي محله مني محل