ظلمات. فقال معاوية إن الله أكرم هذا الأمر بأهل الشام الذابين عن بيضته التاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال أهل العراق المنتهكين لمحارم الله المحلين ما حرم الله والمحرمين ما أحل الله، فقال عبد الله بن الكوا: يا ابن أبي سفيان، إن لكل كلام جوابا، ونحن نخاف جبروتك، فإن كنت تطلق ألسنتنا ذببنا عن أهل العراق بألسنة حداد لا يأخذها في الله لومة لائم، وإلا فإنا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا على فرجه، قال: والله لا يطلق لك لسان.
ثم تكلم صعصعة فقال: تكلمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت، ولم تقصر عما أردت، وليس الأمر على ما ذكرت، أنى يكون الخليفة من ملك الناس قهرا ودانهم كبرا واستولى بأسلوب الباطل كذبا ومكرا، أما والله مالك في يوم بدر مضرب ولا مرمى، وما كنت فيه إلا كما قال القائل:
" لا حلي ولا سيرى " ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير ممن أجلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما أنت طليق ابن طليق، أطلقكما رسول الله صلى الله عليه وآله، فأنى تصلح الخلافة لطليق؟ فقال معاوية: لولا أني أرجع إلى قول أبي طالب حيث يقول:
قابلت جهلهم حلما ومغفرة * والعفو عن قدرة ضرب من الكرم لقتلكم " (1).
* ولقد وصفه سيدنا أمير المؤمنين عليه السلام - وهو الصديق الأكبر - ب " الكذاب " بصراحة، فقد جاء في (ينابيع المودة) ما نصه: " وفي المناقب عن الحسن بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن آبائه أن أمير المؤمنين عليه السلام كتب إلى أهل مصر لما بعث محمد بن أبي بكر إليهم كتابا فقال فيه: " وإياكم دعوة ابن هند الكذاب، واعلموا أنه لا سواء إمام الهدى وإمام الهوى ووصي النبي وعدو النبي " (2).