(15) عن الأشتر أنه قال لعلي: إن الناس قد تفشغ بهم ما يسمعون، فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إليك عهدا فحدثنا به.
قال: ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدا لم يعهده إلى الناس، غير أن في قراب سيفي صحيفة فإذا فيها: المؤمنون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده (مختصر) (1).
ومعنى تفشغ: فشا وانتشر بما يسمعون كما ذكره السندي، وضبطه السيوطي في شرحه: تقشع، وفسره بتصدع واقلع.
أقول: لا بد من ذكر أمور باختصار، منها:
1 - إن الروايات - كما ترى - تختلف اختلافا شديدا في مطالب الصحيفة كما وكيفا وترتيبا، وما ادعى أحد من الرواة أنه نقل كل ما في الصحيفة، وهذا شئ عجيب.
2 - إن نفس هذا الإصرار على نفي الكتاب أو شئ من العلم عند علي ربما يدل على عكسه، وإن الغرض من هذه الروايات إنكاره، ويدل عليه الخبر الأخير من شهرة ذلك - الكتاب أو العهد - بين الناس.
3 - صريح خبر ابن الحنفية وجود كتاب آخر عند علي وهو صحيفة صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلها إلى عثمان ليعمل بها، ولكن عثمان ما قبلها وردها، وهذا يكذب كل ما في الروايات من الإنكار والنفي!
4 - مما لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علم عليا علوما كثيرة في المعارف والفقه وغيرهما، وأنه كان يلزمه من صغره إلى حين موت النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي أنه صلى الله عليه وسلم يخلو به كل يوم، وكل من قرأ الأحاديث الواردة في حقه