أقول: المستفاد من هذه الرواية أمور:
١ - انهيار شخصية أبي هريرة عند نفسه حيث يشبه نفسه بالثعلب ويذكر استه وإجهاشه بالبكاء، ومن يحقر نفسه هكذا فلا يسلم من الكذب والدناءة لا محالة.
٢ - إعطاء النعلين له للعلامة على صدقه، وهذه إهانة أخرى له كما لا يخفى، إن لم يكن قد كذب في خبره.
٣ - كثرة إشفاق عمر على الدين والموحدين من إشفاق النبي صلى الله عليه وسلم على الدين والأمة.
٤ - إن عمر أعلم من النبي صلى الله عليه وسلم بتدبير الموحدين وإصلاح حالهم.
أليس هذا منافيا لتوقير النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم وإهانة له؟ وجعله محكوما وجعل عمر حاكما.
ثم إن مضمون الحديث رواه غيره أيضا، ولم ينقل عن السامعين أن أحدا منهم ترك العمل الصالح اتكالا عليه، وقد خفي على الواضع أن الشهادة بالتوحيد مستيقنا يمكن انفكاكها عن العمل الصالح والاجتناب عن المحرمات، فإن اليقين بالله أعظم حاجز عن المعصية وأكبر داع إلى الطاعة، وأن منشأ العصيان هو الشك والنبي الأكرم قيد الشهادة باليقين، فكيف يعقل انصرافه عن أمره بقوله صلى الله عليه وسلم: فخلهم؟!
على أن النبي الأكرم - كما في قوله تعالى -: ﴿وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى﴾ (1)، فيجب على كل مسلم الطاعة والقبول، فكيف صح لمسلم أن يقبل كون عمر آمرا والنبي صلى الله عليه وسلم مأمورا مثلا (2).