نريد أن نجعل لك في هذا الأمر نصيبا يكون لك ولعقبك من بعدك إذ كنت عم رسول الله، وإن كان الناس قد رأوا مكانك ومكان أصحابك فعدلوا الأمر عنكم، على رسلكم بني عبد المطلب فان رسول الله منا ومنكم.
ثم قال عمر: إي والله، وأخرى إنا لم نأتكم حاجة منا إليكم، ولكنا كرهنا أن يكون الطعن منكم فيما اجتمع عليه العامة فيتفاقم الخطب بكم وبهم، فانظروا لأنفسكم ولعامتكم.
فتكلم العباس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله بعث محمدا كما زعمت نبيا وللمؤمنين وليا، فمن الله بمقامه بين أظهرنا حتى اختار له ما عنده، فخلى على الناس أمرهم ليختاروا لأنفسهم مصيبين للحق لا مائلين عنه بزيغ الهوى، فإن كنت برسول الله طلبت فحقنا أخذت، وإن كنت بالمؤمنين طلبت فنحن منهم متقدمون، وإن كان هذا الأمر إنما يجب لك بالمؤمنين فما وجب إذ كنا كارهين، فأما ما بذلت لنا، فإن يكن حقا لك فلا حاجة لنا فيه، وإن يكن حقا للمؤمنين فليس لك أن تحكم عليهم، وإن كان حقنا لم نرض عنك فيه ببعض دون بعض، وأما قولك: إن رسول الله منا ومنكم، فإنه قد كان من شجرة نحن أغصانها وأنتم جيرانها.
والغرض من نقل هذا الكلام هو تجنيب أهل السنة عن الإفراط، وتجنيب الشيعة عن التفريط، فإذا قلنا إن عليا لم يخالف أبا بكر بشئ أبدا. والشيعة ضلوا بدسائس عبد الله بن سبأ اليهودي، يجيب الشيعة بأشنع من هذا، فيقع التناكر والتباغض والتقاتل فيضعف أمر الأمة الإسلامية بالتفرقة والتشعب، وإذا قلنا لهم بصدق وحق إن التشيع نشأ من رأي علي بأحقيته بالخلافة، والتسنن من بيعة الناس في سقيفة بني ساعدة لأبي بكر، واتباع كل واحد منهما مأجورون معذورون عند الله، ونحن أخوة مسلمون