صاحب رسول الله (ص) أخبرني إني أموت في أرض غربة، وأنه يلي غسلي ودفني والصلاة على رجال من أمته صالحون. فخرج رهط يريد الحج، منهم مالك بن الحارث الأشتر، وعبد الله بن فضل التميمي، ورفاعة بن شداد الجبلي، حتى قدموا الربذة، فإذا امرأة على قارعة الطريق تقول: يا عباد الله المسلمين! هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) قد هلك غريبا ليس أحد يعينني عليه!.
فنظر بعضهم إلى بعض، وحمدوا الله على ما ساقوا إليه، واسترجعوا على عظيم المصيبة. ثم أقبلوا معها فجهزوه، وتنافسوا في كفنه حتى خرج من بينهم بالسواء، ثم تعاونوا على غسله، حتى فرغوا منه، ثم قدموا مالك الأشتر (رض) فصلى عليه، ثم دفنوه.
فقال الأشتر على قبره وقال: اللهم هذا أبو ذر صاحب رسول الله (ص) عبدك في العابدين وجاهد فيك المشركين، لم يغير ولم يبدل، لكنه رأى منكرا فغيره بلسانه وقلبه حتى جفي ونفي، وحرم واحتقر، ثم مات وحيدا غريبا.
اللهم فاقصم من حرمه ونفاه من مهاجر، وحرم رسول الله (ص).
وبعدها قدمت الشاة التي صنعت، فقالت: إنه أقسم عليكم أن لا تبرحوا، حتى تتغذوا فتغذوا وارتحلوا (1) وكانت مصداقا لنبوة ألقاها إليه (ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض، يشهده عصابة من المؤمنين). (2) فرحم الله أبا ذر عاش مجاهدا ومات شهيدا دون أن يتنازل عن ذرة واحدة من إيمانه ومبادئه التي آمن بها وسعى في سبيلها.
هذا هو الصحابي الذي يتبناه الإسلام ويدفع الناس إلى الاقتداء به.