تشيع أبي ذر:
وهو من العلماء الربانيين المشايعين لأمير المؤمنين (ع) في القول والعمل، وهو أول من لقب (بالشيعي) على عهد رسول الله (ص) كما في كتاب (الزينة) لأبي حاتم الرازي وقد تقدم لفظه.
وأحد الذين اعترضوا على أبي بكر توليه الخلافة: يا معشر المهاجرين! لقد علمتم وعلم خياركم أن رسول الله (ص) قال: (الأمر لعلي بعدي ثم للحسن والحسين ثم في أهل بيتي من ولد الحسين) فأطرحتكم قول نبيكم وتناسيتم ما أوعز إليكم واتبعتم الدنيا الفانية وتركتم نعيم الآخرة الباقية التي لا تهدم بنيانها ولا يزول نعيمها ولا يحزن أهلها ولا يموت سكانها وكذلك الأمم التي كفرت بعد أنبيائها بدلت وغيرت فحاذيتموها حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل فعما قليل تذوقون وبال أمركم وما الله بظلام للعبيد (1).
وقال الكشي عنه: وهو الهاتف بفضائل أمير المؤمنين (ع) ووصيي رسول الله (ص) واستخلافه إياه.
فقد كان أبو ذر (رض) ممن ثبت على هذا المبدأ، فنافح عنه، ودافع على أكثر من جبهة، وفي عدة مواطن، ودعا المسلمين إليه بكل جرأة وصراحة حتى آخر لحظة من حياته. ففي مكة، كان لسانه يلهج بذلك، وفي المدينة، كما في الشام، وحتى في منفاه الأخير في الربذة، لم يتوان، ولم يتلكأ في تأدية الأمانة، ففي مكة المكرمة، وحول البيت العتيق، مهوى قلوب الملايين من المسلمين ومركز تجمعهم في كل عام، كان أبو ذر يغتنم الفرصة، فيدعو المسلمين، ليحدثهم بما سمع