بين أبي ذر وعثمان:
فسحت خلافة عثمان للعناصر المستغلة أن تظهر على المسرح من جديد وأخذت الرواسب التي كانت في طريق الاستئصال تبرز شيئا بعد شئ واستيقظت مطامع المستغلين الذين حاربوا الإسلام بالأمس وأدى ذلك بالتدريج إلى استيلاء أعداء الإسلام القدامى على الحكم بعد عصر الخلفاء إذ أعلن معاوية من نفسه خليفة للمسلمين بقوة الحديد والنار وكان ذلك أعظم مأساة في تاريخ الإسلام.
لقد جاهر أبو ذر (رض) بمعارضته للولاة والمقربين، وكشف أوراقهم، غير خائف ولا مكترث، وجعل يقول بين الناس، وفي الطرقات، وفي الشوارع: بشر الكانزين بعذاب أليم! ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم).
دخل يوما على عثمان فقال له: لا أنعم الله بك يا جنيدب!
فقال أبو ذر: أنا جنيدب وسماني رسول الله (ص) عبد الله فاخترت اسم رسول الله الذي سماني به علي اسمي.
فقال عثمان: أنت تزعم إنا نقول: إن يد الله مغلولة، وأن الله فقير ونحن أغنياء.
فقال أبو ذر: لو كنتم لا تزعمون لأنفقتم مال الله على عباده ولكني أشهد لسمعت رسول الله (ص) يقول (إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا وعباد الله خولا ودين الله دخلا.) ثم أخذ عثمان يقول لأبي ذر: أنت الذي فعلت وفعلت!