فقال أبو ذر: نصحتك فاستغشتني ونصحت صاحبك فاستغشني.
فقال عثمان: كذبت ولكنك تريد الفتنة وتحبها وقد انغلت الشام علينا.
فقال له أبو ذر: اتبع سنة صاحبك لا يكن لأحد عليك كلام.
فقال عثمان: ما لك وذلك لا أم لك.
فقال أبو ذر: والله ما وجدت لي عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (1).
قال ابن أبي الحديد: ثم إن عثمان أرسل إليه مولى من مواليه: أن انته عما بلغني عنك!
فقال أبو ذر: أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله فوالله لئن أرضي الله بسخط عثمان، أحب إلي وخير لي من أن أسخط الله برضا عثمان (2).
ويلاحظ المتتبع، أن أبا ذر، كان مؤدبا غاية الأدب مع عثمان نفسه، فكان يتحاشى أن يسمعه كلاما يسئ إليه، أو يرد عليه بأجوبة غليظة. بينما نجده لا يتحرج من توجيه الكلام الشديد إلى بطانته وبعض ولاته.
قال عثمان يوما - والناس حوله -: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك!
فقال أبو ذر: يا بن اليهوديين! أتعلمنا ديننا؟!.
إن صراحة أبي ذر جرت عليه الويلات وسببت له الضرب والبؤس والتشريد. أرسل إليه عثمان مائتي دينار فجاء الرسول وقال له: هذه من عثمان، وهو يقول لك: أنها من صلب ماله ما خالطها حرام.