فارس أو أساورتهم.
وهل كان تحمل هذا البؤس والشقاء والتعب والعناء عن إرشاد نبي بعث لهذا الفارسي خاصة؟ كلا وألف كلا.. لم يكن شئ من ذلك وإنما عقله الملهم رفعه عن أوهام الناس وأنار سبيله إلى الله وأرشده إلى الحق وهداه النجدين وعرفه عظمة الخالق وقدرة المصور وسمو المبدع وجلال المدبر.
ترك تلك الأجسام الجامدة عاكفة على عبادة النار من دون الواحد القهار، أفلا يسوغ لنا بعد هذا أن نقول بجزم: إنا قد أعطينا صورة واضحة للقارئ الكريم تبين منها حال سلمان (رض) وتبين له منها أنه لم يكن مجوسيا ولا مخلصا للمجوسية ولم يعبد النار ولم يسجد للشمس؟
وإنما كانت نفسه مطمئنة بربها وقلبه ملئ بالإيمان وهو يسير نحو الحق يطلبه ولا يحدو عنه. والدليل على ما ذهبنا إليه ما جاء في كتاب (الإستيعاب): وكان سلمان يطلب دين الله ويتبع من يرجو ذلك عنده، فدان بالنصرانية وقرأ الكتب وصبر في ذلك على مشقات..
إسلام سلمان: كان إسلامه سنة إحدى من الهجرة: ولقد عز بالإسلام كما عز الإسلام به، وكان إذا قيل له: ابن من أنت؟ قال: أنا سلمان بن الإسلام من بني آدم.
وقد روى من وجوه أن رسول الله (ص) اشتراه على العتق، ويقول حمد الله مستوفى: إن النبي (ص) افتدى سلمان من عثمان بن أشهل اليهودي بأربعين أوقية من الذهب وثلاثمائة من النخيل.
كما أورد نص العهد الذي كتبه علي بن أبي طالب (ع) وهو (بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أفدى به محمد بن عبد الله لسلمان الفارسي من عثمان بن الأشهل اليهودي ثم القرظي القرشي على ثلاثمائة نخلة وأربعين أوقية