ختام البحث لم يحدثنا التأريخ عن مواقف سلمان الحربية فهو يفيض في ناحية ويهمل ناحية أخرى، مثلا نرى كتب (الطبقات) و (السير) تكثر من روايات عطاء سلمان وأنه كان ستة آلاف، وخمسة آلاف وأربعة آلاف، وأنه إذا خرج يتصدق به على الفقراء ولكنها تهمل ناحية مواقفه الحربية فلا نكاد نلمس شيئا من ذلك كأنه لم يكن رجلا ذو بأس وشجاعة وكأنه لم يمارس الحرب ولم يقل كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا.
أهمل كل ذلك فلم يسمع ولم ير. حتى قال أبو سفيان وأصحابه في حفر الخندق: هذه مكيدة ما كانت العرب تكيدها (1) وذهب جماعة من المسلمين إلى أن سلمان لم يتزوج أعراضا عن نعيم الدنيا ولذتها. ونحن لا نستطيع أن نتقبل هذا الرأي الذي لم يرتكز على حقيقة تأريخية بعد أن وجدنا أن الزواج قانونا اجتماعيا حث الشارع الأقدس عليه وحرم الرهبانية الممقوتة. وقد جاء في كتاب (رجال الكشي) بسنده عن أبي عبد الله الصادق (ع) أنه قال:
(تزوج سلمان امرأة من كندة).
وهذا إثبات من أن سلمان لم يتبتل وكانت له صلة عائلية.
أما ذريته، فإن صاحب كتاب (مهج الدعوات) يروي حديث (تحفة الجنة) متصلا بسنده بعبد الله بن سلمان الفارسي وكذلك رأينا الشيخ منتجب الدين يذكر في (فهرسه)، الشيخ بدر الدين الحسن بن علي بسلسلة طويلة من الآباء تنتهي بمحمد بن سلمان الفارسي.