استبطأه الناس، حتى ظنوا أنه أغتيل، فلم يفاجئهم إلا كتاب من عبد الله بن أبي سرح والي مصر يخبرهم أن عمارا قد استمال القوم بمصر، وقد انقطعوا إليه، فكان تصريح عمار بالحق سبب اعتداء غلمان عثمان عليه فضربوه، حتى انفتق له فتق في بطنه، وكسروا ضلعا من أضلاعه. (3) فغشي عليه فجروه حتى طرحوه على باب الدار فأمرت به أم سلمة زوج النبي (ص) فأدخل منزلها وقال عمار: ما هذا بأول ما وذيت في الله.
وعندها أطلعت عائشة شعرا من رسول الله (ص) ونعله وثيابا من ثيابه ثم قالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وقال عمرو بن العاص:
هذا منبر نبيكم وهذه ثيابه وهذا شعره لم يبل فيكم وقد بدلتم فغضب عثمان حتى لم يدر ما يقول.
وتمضي الأيام ويحكم الإسلام على الخليفة حكمه العادل فيقضى قتيلا بأيدي الصحابة وتعود الخلافة الشرعية إلى صاحبها الإمام علي (ع) فتفرح القلوب المؤمنة وتنشرح الصدور الطاهرة التي آذاها هذا الفرق الطويل ويكون عمار في أول الركب يبارك لعلي بعودة حقه إليه، يبارك له في رجوع الحق إلى نصابه وينضوي تحت لوائه معلنا أن الجهاد بين يديه كالجهاد بين يدي رسول الله.
وسمع عمار بن ياسر (رض) يقول عند توجهه إلى (صفين) تلك المعركة التي دارت رحاها بين الحق والباطل بين الخليفة الشرعي أمير المؤمنين علي (ع) وبين الطاغية معاوية: اللهم لو أعلم أنه أرضى لك أن أرمي بنفسي من فوق هذا الجبل لرميت بها، ولو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا فأقع فيها لفعلت، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا