خفتم عليه فما أحوجهم إلى ما منعتهم وما أغناك عما منعوك.
وستعلم من الرابح غدا والأكثر حسدا ولو أن السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقا ثم أتقى الله لجعل الله منهما مخرجا. ولا يؤنسنك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل فلو قبلت دنياهم لأحبوك ولو قرضت منهم لأمنوك).
ثم تكلم من بقي من المشيعين وهم قلة قليلة فأجادوا.
وما أن انتهوا حتى ذرف الشيخ دموعه وقال: رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة..! إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله ما لي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم أني ثقلت على عثمان بالحجاز كما ثقلت على معاوية بالشام وكره أن أجاور أخاه وابن خاله بالمصرين: البصرة ومصر..
فأفسد الناس عليهما فسيرني إلى بلد ليس به ناصر ولا دافع إلا الله ما أريد إلا الله صاحبا وما أخشى من وحشة الله.
وبلغ أبا الدرداء - وهو في الشام - إن عثمان قد سير أبا ذر إلى الربذة. فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لو أن أبا ذر قطع لي عضوا أو يدا، ما هجته، بعد أن سمعت النبي (ص) يقول: (ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر) (1).
مكث أبو ذر في الربذة (2) حتى مات سنة إحدى، وقيل اثنين وثلاثين من الهجرة في خلافة عثمان، فلما حضرته الوفاة، قال لامرأته:
اذبحي شاة من غنمك واصنعيها، فإذا نضجت، اقعدي على قارعة الطريق فأول ركب ترينهم قولي: يا عباد الله المسلمين! هذا أبو ذر