عليه أحد ولا يؤثر ذلك منه، إما لخوف من الإقدام على ذلك، أو لشك فيما قد سمعوه من وصفه، أو لشبهة عرضت لهم في الرأي فيه، فتدبير الله سبحانه له في الظهور على خلاف تدبير الإمام المنتظر لاختلاف الحالين.
ويدل على ما بيناه ويوضح عما ذكرناه أنه لم يتعرض أحد من عبدة الأوثان، ولا أهل الكتاب ولا أحد من ملوك العرب والفرس مع ما قد اتصل بهم من البشارة بالنبي (صلى الله عليه وآله) لأحد من آباء الرسول (صلى الله عليه وآله) بالإخافة، ولا لاستبراء واحدة من أمهاته لمعرفة الحمل به، ولا قصدوا الإضرار به في حال الولادة ولا طول زمانه إلى أن صدع بالرسالة.
ولا خلاف أن الملوك من ولد العباس لم يزالوا على الإخافة لآباء الإمام وخاصة ما جرى من أبي جعفر المنصور مع الصادق (عليه السلام)، وما صنعه هارون بأبي الحسن موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) حتى هلك في حبسه ببغداد، وما قصد المتوكل بأبي الحسن العسكري (عليه السلام) جد الإمام حتى أشخصه من الحجاز فحبسه عنده بسر من رأى، وكذلك جرى أمر أبي محمد الحسن (عليه السلام) بعد أبيه إلى أن قبضه الله تعالى.
ثم كان من أمر المعتمد بعد وفاة أبي محمد (عليه السلام) ما لم يخف على أحد من حبسه لجواريه والمسائلة عن حالهن في الحمل، واستبراء أمرهن عندما اتفقت كلمة الإمامية على أن القائم هو ابن الحسن (عليه السلام) فظن المعتمد أنه يظفر به فيقتله ويزيل طمعهم في ذلك، فلم يتمكن من مراده وبقي بعض جواري أبي محمد (عليه السلام) في الحبس أشهرا كثيرة، فدل بذلك على الفرق بين حال النبي (صلى الله عليه وآله) في مولده وبين الإمام (عليه السلام) على ما قدمناه بما ذكرناه وشرحناه.
وشئ آخر وهو أن الخوف قد كان مأمونا على رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بني هاشم وبني عبد المطلب وجميع أهل بيته وأقاربه، لأن الشرف المتوقع له بالنبوة