الإمامية أنهم كفار يستحقون الخلود بالنار؟ فإن قلت ذلك فليس في الجنة من الشيعة الإمامية إذا غيرك لأنا لا نعرف أحدا منهم على تحقيق النظر سواك، بل إن كان فيهم فلعلهم لا يكونون عشرين نفسا في الدنيا كلها، وهذا ما أظنك تذهب إليه، وإن قلت: إنهم ليسوا بكفار وهم يعتقدون التشيع ظاهرا وباطنا فهم مثلك، وهذا مبطل لما قدمت؟!
فقلت له: لست أقول إن جميع المقلدة كفار، لأن فيهم جماعة لم يكلفوا المعرفة ولا النظر في الأدلة، لنقصان عقولهم عن الحد الذي به يجب تكليف ذلك، وإن كانوا مكلفين عندي للقول والعمل، وهذا مذهبي في جماعة من أهل السواد والنواحي الغامضة والبوادي والأعراب والعجم والعامة، فهؤلاء إذا قالوا وعملوا كان ثوابهم على ذلك كعوض الأطفال والبهائم والمجانين، وكان ما يقع منهم من عصيان يستحقون عليه العقاب في الدنيا وفي يوم المآب طول زمان الحساب، أو في النار أحقابا، ثم يخرجون إلى محل الثواب، وجماعة من المقلدة عندي كفار لأن فيهم من القوة على الاستدلال ما يصلون به إلى المعارف فإذا انصرفوا عن النظر في طرقها فقد استحقوا الخلود في النار.
فأما قولك: إنه ليس في الدنيا أحد من الشيعة ينظر حق النظر إلا عشرون نفسا أو نحوهم، فإنه لو كنت صادقا في هذا المقال ما منع أن يكون جمهور الشيعة عارفين، لأن طرق المعرفة قريبة يصل إليها كل من استعمل عقله وإن لم يكن يتمكن من العبارة عن ذلك ويسهل عليه الجدل ويكون من أهل التحقيق في النظر، وليس عدم الحذق في الجدل وإحاطة العلم بحدوده، والمعرفة بغوامض الكلام ودقيقه، ولطيف القول في المسألة دليلا على الجهل بالله عز وجل.
فقال: ليس أرى أن أصل معك الكلام في هذا الباب الآن، لأن الغرض هو