مناظرات في العقائد والأحكام - الشيخ عبد الله الحسن - ج ١ - الصفحة ١٢٩
بنور عمر؟!
فقال يحيى بن أكثم: وقد روي: أن السكينة تنطق على لسان عمر. (1) فقال (عليه السلام): لست بمنكر فضل عمر، ولكن أبا بكر أفضل من عمر، فقال - على رأس المنبر -: " إن لي شيطانا يعتريني، فإذا ملت فسددوني " (2).
فقال يحيى: قد روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: " لو لم أبعث لبعث عمر ". (3)

(١) ورووا في بعض الأخبار بما نصه: إن الله جعل الحق على لسان عمر، إن الله نزل الحق على قلب عمر ولسانه، إن السكينة تنطق على لسان عمر. راجع: الرياض النضرة لمحب الدين: ج ٢ ص ٢٩٨ - ٢٩٩، المستدرك للحاكم: ج ٣ ص ٨٧، كنز العمال: ج ١١ ص ٥٧٣ ح ٣٢٧١٤ - ٣٢٧١٨.
قال الشيخ الطوسي عليه الرحمة في تلخيص الشافي: ج ٢ ص ٣٤٧: وأما ما روي من قوله: الحق ينطق على لسان عمر، فإن كان صحيحا فإنه يقتضي عصمة عمر، والقطع على أن أقواله كلها حجة، وليس هذا مذهب أحد فيه، لأنه لا خلاف في أنه ليس بمعصوم، وأن خلافه سائغ، وكيف يكون الحق ناطقا على لسان من يرجع في الأحكام من قول إلى قول، وشهد لنفسه بالخطأ، ويخالف بالشئ ثم يعود إلى قول من خالفه ويوافقه عليه، ويقول: لولا علي لهلك عمر، ولولا معاد لهلك عمر، وكيف لا يحتج بهذا الخبر هو لنفسه في بعض المقامات التي احتاج إلى الاحتجاج فيها. الخ.
وراجع كلام العلامة الأميني عليه الرحمة حول الحديث في الغدير: ج ٨ ص ٩٢ - ٩٣، وما أورد على الحديث من الاعتراضات راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ١٢ ص ١٧٨ - ١٨٨.
(٢) راجع: تاريخ الأمم والملوك للطبري: ج ٣ ص ٢٢٤، مجمع الزوائد ج ٥ ص ١٨٣، البداية والنهاية: ج ٦ ص ٣٠٣، الإمامة والسياسة: ج ١ ص ٢٢، كنز العمال: ج ٥ ص ٥٨٧ - ٥٨٨ ح ١٤٠٥٠، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج ٦ ص ٢٠، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص ٥٤.
(٣) راجع: فضائل الصحابة لابن حنبل: ج ٦ ص ٣٥٦ ح ٥١٩ و ص ٤٢٨ ح ٦٧٦، ضعفاء الرجال للجرجاني: ج ٤ ص ١٥١١، كنز العمال: ج ١١ ص ٥٨١ ح ٣٢٧٦١ - ٣٢٧٦٣، مجمع الزوائد: ج ٩ ص ٦٨، اللآلئ المصنوعة: ج ١ ص ٣٠٢، بتفاوت. ويعد هذا الحديث من الموضوعات، ذكره العلامة الأميني في كتابه الغدير: ج ٥ ص ٣١٢ (في سلسلة الموضوعات) رقم: ٣٠ - عن بلال بن رباح: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.
وأخرجه ابن عدي بطريقين، وقال: لا يصح، زكريا كذاب يضع، وابن واقد (عبد الله) متروك، ومشرح بن عاهان لا يحتج به. وأورده بالطريقين ابن الجوزي في الموضوعات: ج ١ ص ٣٢٠ (ب فضل عمر بن الخطاب)، فقال: هذان حديثان لا يصحان عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أما الأول، فإن زكريا بن يحيى كان من الكذابين الكبار، قال ابن عدي: كان يضع الحديث. وأما الثاني، فقال أحمد: ويحيى بن عبد الله بن واقد ليس بشئ، وقال النسائي: متروك الحديث.
وقال ابن حبان: انقلبت على مشرح صحائفه، فبطل الاحتجاج به.
وأخرجه ابن عساكر في تاريخه: ج ٤٤ ص ١١٤ - ١١٥ من طريق مشرح بن عاهان، تارة بلفظ: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر، وتارة بلفظ: لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب.
وذكره ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج ١٢ ص ١٧٨، وذكر في ص ١٨٠: ما ذكر من الاعتراض على الحديث المذكور، قال: وقالوا: والحديث الذي مضمونه: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر، فيلزم أن يكون رسول الله (صلى الله عليه وآله) عذابا على عمر، وأذى شديدا له، لأنه لو لم يبعث لبعث عمر نبيا ورسولا، ولم نعلم مرتبة أجل من رتبة الرسالة، فالمزيل لعمر عن هذه الرتبة التي ليس وراءها رتبة، ينبغي ألا يكون في الأرض أحد أبغض إليه منه.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 124 125 126 127 128 129 130 131 133 135 136 ... » »»
الفهرست