وعن ابن مسعود أنه قال: " من عرض له منكم قضاء فليقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فليقض بما قضى فيه نبيه صلى الله عليه وآله، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله ولم يقض فيه نبيه ولم يقض به الصالحون فليجتهد برأيه، فإن لم يحسن فليقم ولا يستحي " (1).
هذا، وكان في الصحابة من يفتي في المسألة بالرأي مع وجود النص الصريح فيها، ونحيل من أراد التوسع في ذلك إلى كتاب " النص والاجتهاد " للعلامة السيد عبد الحسين شرف الدين (قده) فإنه تناول البحث فيه بصورة مفصلة.
نعم كان الاجتهاد في هذا الدور يتمثل في استنباط الحكم من الكتاب، فإن لم يوجد فيه فمن السنة، وإن لم يوجد في السنة فمن قول صحابي له فتوى في تلك المسألة - وبالطبع هذا يتصور بالنسبة إلى التابعين أو صغار الصحابة - فإن لم يكن هناك فتوى لصحابي في المسألة، كان المفتي يرى رأيه في اعطاء جواب المسألة.
ومن خصائص هذا الدور تدوين السنة بأمر عمر بن عبد العزيز (2) وظهور الاختلاف بين الفقهاء في أواخر هذا الدور، الذي انتهى إلى انقسامهم إلى مدرستين: مدرسة الرأي، ومدرسة الحديث.