دقيقا، ولعل ذلك من جهة اختلاط بعض المفاهيم العامة بمصاديقها.
والذي يظهر من تتبع كلماتهم أن الاجتهاد بمعناه الخاص مرادف للرأي، وأن القياس والاستحسان والمصالح المرسلة ونظائرها إنما هي من قبيل المصاديق لهذا المفهوم (1).
ومهما يكن من أمر فإن الاجتهاد بهذا المعنى استمر من القرن الأول حتى القرن الخامس - تقريبا - فحينما كان يطلق الاجتهاد، كان يراد منه هذا المعنى الخاص. وفي حوالي القرن الخامس أخذ الاجتهاد مفهوما أوسع من ذلك.
والذي لا بد أن نشير إليه هو أن أئمة الشيعة عليهم السلام كانوا يعارضون الاجتهاد بهذا المعنى، وذلك لبطلان القياس والاستحسان وغيرها عندهم. واستمرت هذه المعارضة من عصر الأئمة - عليهم السلام - حتى القرن السابع الهجري حيث تغير مفهوم الاجتهاد الخاص إلى مفهوم أوسع منه فتقبله الشيعة برحابة صدر، مع حذف ما يخالف مبادئهم الفقهية كالقياس والاستحسان وأمثالها عنه، فالنصوص الكثيرة الواردة عن العلماء في هذه القرون تدلنا على المعارضة الشديدة من قبل مدرسة أهل البيت - عليهم السلام - ضد الاجتهاد بمفهومه الخاص، حتى صنف العلماء والكتاب كتبا على رد الاجتهاد بهذا المعنى، فقد صنف عبد الله بن عبد الرحمن الزبيري كتابا سماه " الاستفادة في الطعون على الأوائل والرد على أصحاب الاجتهاد