وتكون مقادير الله ان مدة إمامة الإمام الأول (عليه السلام) انتهت ليأتي الإمام الثاني .
وبعبارة مختصرة: ليس الإشكال في سبب موت الإمام (عليه السلام) وعروجه إلى مقام قاب قوسين أو أدنى، انما الإشكال في هبوط الإمام من مقامه إلى هذه الدنيا.
اما مسألة رمي النفس في التهلكة، فان التهلكة هي وضع النفس في موضع الضرر أو الخسارة، واختيار الإمام (عليه السلام) للقاء الله وعودته إلى عرش الله ليس فيه ضرر ولا خسارة، بل هو ربح ومصلحة لمن يعلم بمقامه عند الله، ولمن يعلم من أين أتى وإلى أين يعود.
وإن شئت قلت: نعم الضرر هذا، لأن الضرر من أجل مصلحة أعظم وأفضل لا يعد ضررا، وان عد فهو لا يلغي الإقدام عليه من أجل المصلحة الكبرى.
وكما أن الشهيد الذي يعلم انه يقتل في عمليته الاستشهادية فهو ضرر بهذا المعنى، ولكنه مغفور له لأنه يقدم على فعل واجب أهم من ترك هذا الضرر المحرم في غير هكذا موضع.
وبعبارة أخرى: كون الفعل هذا مرادا لله تعالى أو للإمام (عليه السلام) يكفي في عدم كونه تهلكة، فافهم.
وهذا يتناسب مع ما ورد عن الإمام الحسين (عليه السلام) ان قتله قضاء محتوم وأمر واجب (1) لا مفر منه، فالله تعالى قدر له ذلك، وان ولايته تنتهي إلى سنة 60 ه. ولا حاجة لوجوده الظاهري بعد هذه السنة في هداية الناس، فيرجع إلى مكانه الأصلي - الأبدي الأزلي -.
وأيضا يؤيده ما تقدم عن الإمام الباقر (عليه السلام) عندما قرب أجله استدعى ابنه الصادق (عليه السلام) وقال: " ان هذه الليلة التي وعدت فيها " (2).