إلى الزميل فرات مع التحية. أولا قولك: إن هذه الرواية وإن كانت موجودة في صحيح البخاري وأنتم كما هو معلوم تصححون جميع ما في الصحاح الستة، لكن هناك فرق قد غفلت عنه بين الحديث المتواتر وبين الصحيح، فليس كل صحيح متواتر، فإن الصحيح هو الذي كل رجاله ثقات عدول عندكم، وأما المتواتر فهو الذي رواه جماعة يمتنع تواطئهم على الكذب، ويتولد من ذلك القطع واليقين بالحديث، بخلاف الحديث الصحيح فإنه لا يعدو الظن.
ما تقدم من كلامك يدل على أنه يخفى عليك كثير من منهجنا في رواية الأحاديث وحكمنا على ما في كتب السنة وهذا للأسف ما لا أستطيع بيانه لك مفصلا، ولكن حسبي أن أشير إشارات موجزة:
أ - لم أحكم على الحديث بأنه متواتر لرواية البخاري له، وإنما لأنه له طرق كثيرة جدا تبلغ حد التواتر ومن ثم لا حجة لمن ضعف طريقا منها أو جرح راويا من الرواة.
ب - ما نعتبره صحيحا من الأحاديث ما جاء في الصحيحين البخاري ومسلم، أما بقية الكتب ففيها ما هو دون الصحيح.
أما قولك: والظالم بعيد عن هداية الله قال الله تعالى: (إن الله لا يهدي القوم الظالمين) والظالم ملعون من قبل الله قال الله تعالى: (ألا لعنة الله على الظالمين)، فأراك قد لعنتهم من حيث تدري أو لا تدري.
فأقول: طريقتك في الاستدلال وضرب الآيات بعضها ببعض، هي التي اتبعها الخوارج وكانت سببا في ضلالهم، كما أن لازم القول ليس بقول، والظلم درجات والذين ورد لعنهم في القرآن هم المشركون لقول الله تعالى:
إن الشرك لظلم عظيم. وارجع إلى سياق الآيات.