والأعجب من ذلك أنه عمد إلى الميزان الإلهي لإيمان الأمة، والذي هو ميزان منصوص، لشخص مخصوص، فجعله ميزانا واسعا، ضائعا مائعا متناقضا! فقال ابن حجر: وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة، لتحقق مشترك الاكرام، لما لهم من حسن الغناء في الدين!!!
يعني بذلك أن حب كل واحد من الصحابة علامة على الإيمان وبغض أي واحد منهم علامة على النفاق، لأنهم جميعا شاركوا في نصرة النبي صلى الله عليه وآله!
يفعل ابن حجر ذلك وهو يعلم أن غرض الإسلام من التأكيد على حب علي عليه السلام أن يجعله الميزان لادعاء كال من ادعى الإسلام.
وكيف يعقل ابن حجر أن يكون الصحابة جميعا مقياسا لذلك، وعددهم عنده أكثر من مئة ألف، وقد كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وآله مختلفي المشارب والاتجاهات والمستويات، وصاروا بعده أكثر اختلافا وعداوة وبغضاء.. حتى انقسمت الأمة بسببهم إلى محب لهم ومبغض، وقامت بينهم الحروب!!
فلو جعلنا حب أي واحد منهم مقياسا للإيمان، فقد نفينا وجود منافقين في الأمة!
لأن المنافقين في زمنه وبعده، إما صحابة أو يحبون أحدا من الصحابة! وذلك تكذيب للقرآن حيث أخبرا بوجود منافقين في حياة النبي صلى الله عليه وآله.
وإن جعلنا بعض أي واحد منهم مقياسا للنفاق فيكون جميع الصحابة منافقين!! لأنه لا يكاد يوجد صحابي إلا وأبغض صحابيا آخر!! فانظر أي مشكلة عقيدية أنزلها ابن حجر على رؤوس الصحابة أنفسهم!!