* وقد حاول ابن حجر أن يخلص من هذه الورطة فنقل عن صاحب المفهم كلاما غير مفهم، مفاده أن الصحابة قد أبغضوا بعضهم، وقد اشتهر بغض معاوية لعلي، ولكن هذا البغض بزعمه ليس نفاقا! لأن قصد النبي صلى الله عليه وآله أن علامة النفاق هو بغض علي بسبب نصرته للنبي فقط.. وأما بغضه لسبب آخر فهو حلال زلال، لا يوجب نفاقا ولا هم يحزنون!!
وهي حيلة وجدها علماء الخلافة القرشية قبل ابن حجر، فحللوا بها بغض علي، وزعموا أن التأكيد النبوي المطلق مخصوص بمن أبغضه لنصرته للنبي صلى الله عليه وآله فقط! فلا يشمل الذين يبغضونه لأسباب أخرى غير النصرة!!
وقد تشبثوا بتلك الحيلة لرفع حكم النفاق عن معاوية، وتبرير لعنه عليا عليه السلام ومطاردته محبيه في كل صقع، وتقتيله شيعته وهدم بيوتهم، وتقريب مبغضيه ولاعنيه، وإعطائهم مناصب الدولة!!
وقد تمسك بهذه الحيلة بعض فقهاء النواصب في عصر ابن حجر، ودافعوا بها أمام القضاة السنيين، الذين أصدروا حكمهم على ابن تيمية، بأنه ناصبي منافق مبغض لعلي عليه السلام! فقال المدافعون: إن بغضه لعلي الذي ليس بسبب نصرته للنبي صلى الله عليه وآله فهو مثل معاوية يبغض عليا لأسباب أخرى، فبغضه له حلال لا يصير بسببه من المنافقين، كما أن معاوية لم يصر من المنافقين! ولكنه منطق متهافت:
أولا، لأن كلام النبي صلى الله عليه وآله صريح في الاطلاق والعموم.
فأين دليلهم على التخصيص، وأين المخصص والمقيد من عقل أو نقل؟
وثانيا، أنهم بذلك جوزوا للمسلمين أن يصيروا كلهم رافضة، وأن يبغضوا الصحابة ويلعنوهم لأسباب أخرى غير نصرتهم للنبي صلى الله عليه