شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٢ - الصفحة ٦٢٥
جبهته، وأصاب السيف الحائط فثلم فيه، ثم ألقى السيف من يده، وأقبل الناس عليه فجعل ابن ملجم يقول للناس: إياكم والسيف فإنه مسموم، وقد سمه شهرا، فأخذوه، ورجع علي بن أبي طالب إلى داره، ثم أدخل عليه عبد الرحمن بن ملجم فقالت له أم كلثوم بنت علي: يا عدو الله! قتلت أمير المؤمنين! فقال: لم أقتل إلا أباك، فقالت: إني لأرجو أن لا يكون على أمير المؤمنين من بأس فقال عبد الرحمن ابن ملجم: فلم تبكين إذا؟ فوالله سممته شهرا، فإن أخلفني أبعده الله وأسحقه، فقال علي: احبسوه وأطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فعفو أو قصاص، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين (1).

(1) قال الفاضل المعاصر أبو بكر جابر الجزائري في كتابه " العلم والعلماء " (ص 181 ط دار الكتب العلمية - بيروت):
بسم الله والحمد لله، وبعد فقد ولي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه خلافة المسلمين في ظروف صعبة شديدة، وذلك في اليوم التالي لمقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، والفتنة قائمة، والمسلمون مضطربون اضطرابا شديدا، فبايعه جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجودين بالمدينة النبوية، وذلك في أواخر شهر ذي الحجة من سنة خمس وثلاثين من الهجرة، وما لبث بالمدينة إلا قليلا حتى بلغه نبأ خروج طلحة والزبير إلى البصرة، ومطالبتهما بدم عثمان رضي الله عنه فخرج إليهما، فكانت وقعة الجمل المؤلمة المحزنة، وما إن انتهت ونزل علي الكوفة حتى بلغه خروج معاوية بن أبي سفيان ومن معه من أهل الشام عليه فسار إليهم فالتقوا بصفين، فكانت موقعتها سنة سبع وثلاثين من الهجرة وفيها رفع أهل الشام المصاحف على السيوف والرماح مكيدة، فكره الناس القتال وتداعوا إلى الصلح، وحكموا الحكمين، فحكم علي رضي الله عنه أبا موسى الأشعري، وحكم معاوية رضي الله عنه عمرو بن العاص، وكتبوا بينهم كتابا أن يوافوا الناس رأس الحول بأذرح قرية من قرى الشام فينظروا في أمر الأمة، فاخترق الناس، وخرج على علي الخوارج بدعوى أنه حكم غير الله تعالى في أمر المسلمين، فكانت فتنة الخوارج فصبر لها رضي الله عنه حتى انتهت.
وجاءت السنة فاجتمع الناس بأذرح على ما تواعدوا عليه، وتقدم الحكمان فتكلم أبو موسى فخلع عليا، على نية أن يخلع عمرو معاوية، ويختار المسلمون خليفة لهم، فلما تكلم عمرو لم يخلع صاحبه معاوية، وبايع له، فتفرق الناس على غير طائل، وأصبح علي في خلاف بين أصحابه مع الأسف!.
وتعاهد ثلاثة من الخوارج على أن يقوموا بقتل كل من معاوية وعمرو بن العاص وعلي رضي الله عنهم أجمعين وحددوا لذلك ليلة من رمضان معينة، وذهب كل إلى من التزم بقتله، فلم يفلح اثنان فيما عزما عليه من قتل معاوية وعمرو، وهلك الثالث وهو عبد الرحمن بن ملجم فأتى الكوفة حتى إذا كانت الليلة الموعودة خرج علي رضي الله عنه بعد الفجر ينادي الصلاة، الصلاة!! فاعترضه ابن ملجم لعنه الله فضربه بالسيف فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: أشقى الناس رجلان أحيمر ثمود عاقر الناقة والذي يضربك على هذه - يعني قرنه - حتى تبتل منه الدم هذه - يعني لحيته - وكان ذلك يوم الجمعة سنة أربعين من الهجرة.
فمات رضي الله عنه ليلة الأحد، وغسله ولداه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وصلى عليه الحسن ودفن بسحر، وعمره نحو ثلاث وستين سنة. فرضي الله عنه وأرضاه، وأسكنه رياض جنانه مع آل البيت الطاهرين، وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعين وألحقنا بهم مسلمين غير مبدلين ولا مغيرين.
وقال الفاضل المعاصر الدكتور محمد أسعد أطلس في " تاريخ العرب " (ج 3 ص 254 ط دار الأندلس - بيروت):
لم يصب الإسلام بفاجعة بعد فاجعته برسول الله (ص) أعظم من فاجعته بمقتل الإمام (ع) فإن أبا بكر وعمر وعثمان قد لاقوا حتفهم في ظروف تكاد تكون عادية أو شبه عادية، ثم إنهم قد عاشوا فترة هادئة في ظل الخلافة الإسلامية استطاعوا بها أن يتمموا رسالة الرسول الكريم، وينشروا راية الإسلام وبخاصة الخليفتين الأول والثاني، كما رأيت في الفصول الماضية.
أما الإمام علي (ع) فإن الظلمة والخوارج والطغاة، خلقوا المشاكل في سبيله منذ يوم تسلم خلافة رسول الله إلى أن طعن بيد أحدهم، وهو ظالم آثم طاغ.
روى المؤرخون أن عبد الرحمن بن ملجم الخارجي الحميري، أقام في الكوفة يرقب الموعد لقتل الإمام، ثم إنه أقبل آخر الليل ومعه رفيق له يعينه في عمله الجرم، وإنهما انتظرا الإمام حتى خرج من بيته لصلاة الفجر، فلما رأياه قادما استقبلاه بسيفيهما فأصابه ابن ملجم - لعنه الله - في جبهته حتى بلغ دماغه، ووقع سيف صاحبه في الحائط، وخر الإمام الأمين المأمون صريعا، وهو يقول: لا يفوتنكم الرجل، وأحاط القوم بالفاسقين، فقتلوا الثاني، واستبقوا ابن ملجم، وحمل الإمام إلى داره فأقام ليلتين ويوما ثم مات كرم الله وجهه، قتل ابن ملجم ومثل به وأحرق بالنار عليه لعنة الله ولعنة اللاعنين إلى يوم الدين، وكان ذلك ليلة الحادي والعشرين من رمضان سنة 40 ه‍.
وقال الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه " تاريخ الأحمدي " (ص 205 ط بيروت سنة 1408):
ودر روضة الاحباب از بعض كتب سير منقول است كه: حضرت امير رضي الله عنه در وقت خروج خوارج رسولان باطراف بلدان فرستاده مدد طلبيده بودند چنانچه از يمن ده تن به ملازمت آنحضرت آمدند وعبد الرحمن بن ملجم داخل ايشان بود وهر يك از آن ده نفر تحفهء بنظر امير المؤمنين حيدر رسانيدند از همه قبول نموده مگر تحفهء ابن ملجم راكه در حيز قبول نيفتاده وآن شمشيرى بغايت قيمتى بود وابن ملجم از اين جهت مغموم شد واو در خلوتى به مسجد همايون در آمده گفت: يا امير المؤمنين سبب چيست كه از رفقاى من قبول هديه نمودى وشمشير مراكه در عرب شبيه ندارد نمى ستانى؟ حضرت امير فرمود كه اى عبد الرحمن بن ملجم تيغ را چگونه از تو بستانم وحال آنكه مراد تو از من بدين شمشير حاصل خواهد شد، ابن ملجم از شنيدن اين سخن اظهار جزع نموده بر زمين افتاد وگفت: يا أمير المؤمنين هيهات هيهات هر گز مباداكه اينصورت در خيال من بگذرد واين فكر محال در خاطر من خطور كند من بعشق ملازمت اين آستانه دل از وطن برداشته ام ونقش محبت اين خاندان بر صفحه ضمير نگاشته.
حضرت امير رضي الله عنه فرمود كه اين امريست بودنى وصورتيست روى نمودنى وتو عن قريب از جادهء وفاق بباديهء نفاق خواهى گريخت وخاك بى مروتى وشقاوت بر فرق دولت خواهى ريخت.
ابن ملجم گفت: يا امير المؤمنين اينك من در نظر تو استاده ام اشارت فرماى تا
(٦٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 620 621 622 623 624 625 625 631 632 633 634 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مستدرك ترجمة الإمام على عليه السلام 3
2 مستدرك ألقابه عليه السلام وكناه الشريفة 32
3 مولد علي عليه السلام 33
4 تزويج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء عليهما السلام 41
5 حديث: علمني ألف باب يفتح من كل باب ألف باب 50
6 حديث: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى على تسعة 57
7 كلام ابن عباس في علم علي عليه السلام 57
8 حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها 58
9 حديث: سلوني قبل أن تفقدوني 58
10 قول على عليه السلام: سلوني عن طرق السماوات فإني أعلم بها من طرق الأرض 68
11 جوابه عليه السلام لليهود 69
12 لأمير المؤمنين علم ظاهر كتاب الله وباطنه 70
13 أول من وضع علم النحو علي بن أبى طالب عليه السلام 77
14 علمه عليه السلام بالجفر 87
15 ما ورد أن أمير المؤمنين كان أفرض أهل المدينة وأقضاها 93
16 مستدرك أقضى الأمة علي عليه السلام 101
17 حديثه وحديث ابن عباس في ذلك 101
18 حديث جابر وأنس بن مالك 102
19 حديث عبد الله بن مسعود 103
20 قول عمر علي أقضانا 106
21 قصة زبية الأسد وقضاء علي عليه السلام 120
22 قضاؤه عليه السلام في الأرغفة 125
23 أمر علي عليه السلام الزوجين أن يبعثا حكما من أهلهما 129
24 من أقضيته عليه السلام 131
25 أول من فرق الخصوم علي عليه السلام 173
26 جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة 173
27 قضاؤه في الخنثى المشكل سأله معاوية 174
28 قضاؤه في ثلاثة نفر وقعوا على امرأة ولدت 175
29 عدل علي عليه السلام في الحكومة 189
30 ما ورد في زهد أمير المؤمنين وعدله وإنفاقه في سبيل الله تعالى 212
31 من عدله أمره بكنس بيت المال ثم ينضحه ويصلى فيه ولم يحبس فيه المال عن المسلمين 250
32 زهد علي عليه السلام وعدله 255
33 عفوه عليه السلام وحلمه وصفحه عن عدوه 288
34 من عدله ما أوصاه في قاتله بإطعامه وسقيه والاحسان إليه وعدم التمثيل به 289
35 خوفه عليه السلام من الله تعالى 296
36 إنفاقه في سبيل الله تعالى 297
37 إعطاؤه عليه السلام حلة للسائل الذي كتب حاجته على الأرض بأمره 297
38 صدقات علي عليه السلام 301
39 شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام 305
40 قتل أمير المؤمنين حية وهو في المهد صبي 338
41 مبيته علي فراش رسول الله صلى الله عليه وآله ليلة الهجرة 339
42 ان عليا كان معه راية رسول الله " ص " في بدر وأحد وغيرهما 341
43 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم بدر 344
44 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد 351
45 لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي 357
46 ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم الأحزاب 363
47 ما ورد في شجاعته يوم خيبر 374
48 ما ورد في شجاعته يوم حنين والطائف 396
49 شجاعته عليه السلام في بنى قريظة 399
50 شجاعته عليه السلام في حرب جمل 399
51 إخبار النبي " ص " لعلي عما يكون بينه وبين عائشة 403
52 قول النبي لأزواجه: أيتكن صاحبة الجمل تنبحها كلاب الحوأب 405
53 جعل رسول الله " ص " طلاق نسائه بيد علي في حياته وبعد مماته 412
54 إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي عليه السلام 414
55 قصة حرب الجمل 417
56 ما صدر من شجاعته عليه السلام يوم صفين 513
57 قتل مع علي بصفين من البدريين خمسة وعشرون بدريا 520
58 شجاعته عليه السلام يوم النهروان 523
59 الخوارج والأخبار الواردة فيهم عن النبي والوصي عليهما السلام 523
60 ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم 536
61 إخباره عليه السلام عن الخوارج وعن ذي ثديتهم 537
62 اخبار النبي " ص " عن الخوارج المارقة 582
63 اخبار النبي " ص " عن شهادة علي عليه السلام 595
64 حديث أنس بن مالك 595
65 حديث أبى رافع 596
66 حديث جابر بن سمرة 597
67 اخباره عليه السلام عن شهادة نفسه 603
68 حديث محمد بن الحنفية 603
69 حديث فضالة بن أبى فضالة 604
70 حديث الأصبغ بن نباتة الحنظلي 606
71 حديث زيد بن وهب 609
72 حديث أبى مجلز وأبى الأسود 610
73 حديث أبى الطفيل 611
74 حديث نبل بنت بدر 613
75 حديث سالم بن أبى الجعد 614
76 حديث عبيدة وأم جعفر 615
77 حديث عثمان بن مغيرة 616
78 حديث كثير وروح بن أمية 617
79 حديث يزيد بن أمية الديلي 618
80 حديث عبد الله بن سبع 619
81 حديث ثعلبة بن يزيد الحماني 620
82 حديث والد خالد أبي حفص 620
83 ما روى جماعة مرسلا 621
84 استشهاد أمير المؤمنين بيد أشقى الناس ابن ملجم 624
85 قول علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة 643
86 إن قاتل علي عليه السلام أشقى الأولين والآخرين وأشقى الناس 644
87 وصايا أمير المؤمنين حين رحلته إلى دار البقاء 653
88 تاريخ شهادته عليه السلام وسني عمره حين الشهادة 662
89 محل دفن جثمانه الشريف 667
90 حنوط علي من فضل حنوط رسول الله " ص " 673
91 قتل ابن ملجم اللعين 673
92 أزواجه عليه السلام 674
93 أولاده الأشراف السادة 678
94 بعض مراثيه عليه السلام 686