والسياسة، أسد الناس رأيا، وأصحهم تدبيرا، لولا تقاه لكان أدهى العرب، كأنما أفرغ في كل قلب، فهو محبوب إلى كل نفس، ظهر من حجاب العظمة بمعاليه، فاستولى الاضطراب على الأذهان والمدارك، وذهب الناس فيه مذاهب خرجت بهم عن حدود العقل والشريعة، أهل الذمة تحبه، والفلاسفة تعظمه، وملوك الروم تصوره في بيوتها وبيعها، ورؤساء الجيوش تكتب اسمه على سيوفها كأنما هو فال الخير، وآية النصر والظفر.
هذا ما قاله المرحوم الشيخ محمد عبده في وصفه.
وقال في ص 195:
صفاته الخلقية: كان علي كرم الله وجهه، شديد الأدمة ثقيل العينين عظيمهما، أقرب إلى القصر من الطول، ذا بطن كثير الشعر عريض اللحية أصلع، أبيض الرأس واللحية.
صفاته الخلقية: شجاعته: علاوة على ما سبق ذكره من شجاعته، وإخلاصه للنبي عليه الصلام والسلام نقول: كان لعلي كرم الله وجهه في الحرب مواقف مشهودة يضرب بها الأمثال، فهو الشجاع الذي ما فرط قط، ولا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحدا إلا قتله. وقد شهد الغزوات كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا غزوة تبوك، فقد خلفه على أهله حين خرج لقتال الروم في جيش جرار، وأبلى علي في نصرة رسول الله ما لم يبله أحد.
وكان رضي الله عنه قويا جدا، فهو الذي قلع باب خيبر واجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقدروا. قال جابر بن عبد الله: حمل علي الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد المسلمون عليه ففتحوها، وأنهم جروه بعد ذلك فلم يحمله إلا أربعون رجلا. أخرجه ابن عساكر.
وهو الذي اقتلع هبل (صنم كبير كانت قريش تعبده) من أعلى الكعبة، وكان