عظيما كبيرا فألقاه على الأرض.
إلى أن قال في ص 240:
وكان علي ممتازا بخصال قلما اجتمعت لغيره وهي: الشجاعة والعفة والفصاحة.
1 - فأما الشجاعة فقد كان محله منها لا يجهل، وقف المواقف المشهودة المعهودة، وخاض غمرات الموت، لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه، وأول ما عرف من شجاعته مبيته موضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة، وهو يعلم أن قوما يترصدونه، حتى إذا خرج قتلوه، فلم يكن ذلك مما يضعف قلبه أو يؤثر في نفسه.
ثم في واقعة بدر، وما بعدها من المشاهد، كان علما خفاقا لا يخفي مكانه، يبارز الأقران فلا يقفون له، ويفرق الجماعات بشدة هجماته، وقد آتاه الله من قوة العضل، وثبات الجنان، القسط الأوفر، أغمد سيفه مدة أربع وعشرين سنة، حتى إذا جاءت خلافته جرده على مخالفيه، ففعل الأفاعيل، وكان الناس يهابون مواقفه، ويخشون مبارزته، لما يعلمون من شدة صولته، وقوة ضربته.
2 - وأما الفقه فلم يكن مقامه فيه مجهولا، صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ صباه، وأخذ عنه القرآن الكريم، وكان يكتب له مع ما أوتيه من ذكاء بني عبد مناف ثم بني هاشم، ولم يزل معه إلى أن توفي عليه السلام. كل هذا أكسبه قوة في استنباط الأحكام الدينية، فكان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان يستشيرونه في الأحكام، ويرجعون إلى رأيه إذا خالفهم في بعض الأحيان، وأكثر من عرف ذلك عنه عمر بن الخطاب.
3 - وأما الفصاحة، فيعرف مقداره من خطبه، ومكاتباته الواردة في كتاب نهج البلاغة.
هذه الصفات العلية مع ما منحه الله من شرف القرابة للرسول صلى الله عليه وسلم