قال ابن سعد: وغير هؤلاء أيضا قد حدثني في هذا الحديث بطائفة فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين رحمة الله عليه ورضوانه وصلواته وبركاته.
قالوا: لما بايع معاوية بن أبي سفيان الناس ليزيد بن معاوية، كان حسين بن علي بن أبي طالب ممن لم يبايع له، وكان أهل الكوفة يكتبون إلى حسين بن علي يدعونه إلى الخروج إليهم في خلافة معاوية، وفي كل ذلك يأبى عليهم الحسين، فقدم منهم قوم إلى محمد بن الحنفية فطلبوا إليه أن يخرج معهم فأبي وجاء إلى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه، وقال: إن القوم إنما يريدون أن يأكلوا بنا ويشيطوا دماءنا.
فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم، مرة يريد أن يسير إليهم ومرة يجمع الإقامة، فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله إني لكم ناصح وإني عليكم مشفق وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم فلا تخرج فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: " والله لقد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني وما بلوت منهم وفاءا ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب " والله ما لهم ثبات ولا عزم على أمر، ولا صبر على السيف.
قال: وقدم المسيب بن نجبة الفزاري وعدة معه إلى الحسين بعد وفاة الحسن فدعوه إلى خلع معاوية، وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك. فقال: إني أرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه الكف، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين.
وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية: إني لست آمن أن يكون حسين مرصدا للفتنة، وأظن أن يومكم من حسين طويلا.
فكتب معاوية إلى الحسين: إن من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء، وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق، وأهل العراق من قد جربت، قد أفسدوا على أبيك وأخيك، فاتق الله واذكر الميثاق فإنك متى تكدني أكدك.
فكتب إليه الحسين: أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عني جدير، والحسنات لا