شخصت إليكم من مكة يوم الثلاثاء لثمان مضين من ذي الحجة يوم التروية، فإذا قدم عليكم رسولي فأجمعوا أمركم وجدوا فإني قادم عليكم في أيامي هذه إن شاء الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
رواه الفاضل أحمد زكي صفوت في " جمهرة رسائل العرب " ج 2 ص 80 بعينه.
ثم قال الفاضل محمد رضا المذكور: كان مسلم بن عقيل قد كتب إلى الحسين قبل أن يقتل لسبع وعشرين ليلة:
" أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله. إن جمع أهل الكوفة معك. فأقبل حين تقرأ كتابي، والسلام عليك ".
وبناء على ذلك أقبل الحسين حتى إذا بلغ الحاجر من بطن الرمة، بعث قيس بن مسهر الصيداوي إلى أهل الكوفة وكتب معه إليهم.
أقبل قيس بن مسهر الصيداوي إلى الكوفة بكتاب الحسين حتى إذا انتهى إلى القادسية أخذ الحصين بن نمير فبعث به إلى عبيد الله بن زياد. فقال له عبيد الله: اصعد القصر فسب الكذاب ابن الكذاب، فصعد ثم قال:
" أيها الناس إن هذا الحسين بن علي خير خلق الله ابن فاطمة بنت رسول الله، وأنا رسوله إليكم، وقد فارقته بالحاجر فأجيبوه ".
ثم لعن عبيد الله بن زياد وأباه واستغفر لعلي بن أبي طالب.
وقد كان قيس بن مسهر هذا في منتهى الشجاعة والجرأة كما يتبين من هذه الحادثة، ولذا أرسله الحسين إلى الكوفة يحمل رسالته، ولا شك أن قيسا كان يعلم أن عبيد الله بن زياد حاكم الكوفة رجلا شديدا قاسيا، قابضا على زمام الأحكام بيد من حديد كما كان أبوه، وكان الحكم بالقتل أو التعذيب متوقفا على كلمة يتفوه بها، ومع ذلك لما قال لقيس أن يصعد القصر ويسب الحسين (الكذاب ابن الكذاب كما ادعى) صعد، وبدلا من أن يسبه لينجو من الهلاك، مدحه ودعا الناس إليه، ولم يقتصر على ذلك