وروى أيضا في " الجمهرة " ج 2 ص 24 عن أبي الحديد عن المدائني قال:
قال معاوية يوما لعقيل بن أبي طالب: هل من حاجة فأقضيها لك؟ قال: نعم، جارية عرضت علي وأبي أصحابها أن يبيعوها إلا بأربعين ألفا، فأحب معاوية أن يمازحه فقال: وما تصنع بجارية قيمتها أربعون ألفا، وأنت أعمى تجتزئ بجارية قيمتها خمسون درهما؟ قال: أرجو أن أطأها فتلد لي غلاما إذا أغضبته يضرب عنقك بالسيف، فضحك معاوية وقال: مازحناك يا أبا يزيد، وأمر فابتيعت له الجارية التي أولدها ابنه " مسلما " فلما أتت على مسلم ثماني عشرة سنة وقد مات عقيل أبوه، قال لمعاوية: يا أمير المؤمنين إن لي أرضا بمكان كذا من المدينة، وإني أعطيت بها مائة ألف، وقد أحببت أن أبيعك إياها، فادفع إلي ثمنها، فأمر معاوية بقبض الأرض ودفع الثمن إليه، فبلغ ذلك الحسين عليه السلام، فكتب إلى معاوية:
" أما بعد، فإنك غررت غلاما من بني هاشم، فابتعت منه أرضا لا يملكها، فاقبض من الغلام ما دفعته إليه، واردد إلينا أرضنا ".
فبعث معاوية إلى مسلم فأخبره ذلك وأقرأه كتاب الحسين عليه السلام، وقال:
أردد علينا مالنا وخذ أرضك، فإنك بعت ما لا تملك، فقال مسلم: أما دون أن أضرب رأسك بالسيف فلا، فاستلقى معاوية ضاحكا يضرب برجليه، وقال: يا بني هذا والله كلام قاله لي أبوك حين ابتعت له أمك، ثم كتب إلى الحسين:
" إني قد رددت عليكم الأرض، وسوغت مسلما ما أخذ " فقال الحسين عليه السلام: " أبيتم يا آل أبي سفيان إلا كرما ". [شرح ابن أبي الحديد م 3: ص 82] كتابه عليه السلام إلى معاوية رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: