كان اختراق علي بالذات هذا الحصار الذي أحيط به أبو ذر، على جانب عظيم من الأهمية والخطورة، لذلك عاتبة فور رجوعه من وداع الصحابي المنفي، وسأله عن سبب طرد مروان بوصفه موظفا يمارس وظيفته، فأجابه بأنه لم يطرد مروان حتى أخذ هذا عليه الطريق، فقال عثمان: ولكنه مأمور بتنفيذ حكم من أحكامي بوصفي خليفة، فيقول علي: ولكن الخليفة لا يأمر بمعصية، ولا ينهى عن واجب وإذا فعل فلا طاعة له، فيطلب عثمان إليه الاعتذار من مروان حسما للنزاع، فيقول له علي: إن شئت اعتذرت إليك، أما مروان فلا أطمعه بذلك، لا لشئ إلا لأن اعتذاري إليه يقوي سيطرته عليك.
ويزيده قوة على قوته في حملك على سياسته الرعناء، وكم تكون صالحا لو نزعت هذا الشيطان الحقير من صدرك.
وكأن العقدة النفسية التي بدأت تطارد عثمان وجدت هي الأخرى مدخلها إلى المكابرة، لقد كان يرى عليا مقتصدا ناصحا لا تدفعه أحقاد، ولا تحدوه أطماع، مما يدفع ويحدو غيره من زعماء المعارضة، ولكنه يحتقر غير علي، ولا يراهم أكفاء معارضته أو الإطاحة به، ثم كان مدفوعا بغريزة التبرير إلى التفتيش عن سبب قاهر يعلل له هذه الصيحة الطاغية، ويقنعه في أعماق نفسه بكفاءة خصمه في آن واحد، لهذا وذاك تشبث من هذا المدخل باتهما علي تشبثا يشبه أن يكون مرضا نفسيا، ولم يغفل عن هذا علي فقد أشار إليه غير مرة في حواراتهما حول هذا الموضوع، ومهما يكن من شئ فقد عظم