حليف مخزوم (عمار بن ياسر) - صدر الدين شرف الدين - الصفحة ٢١٦
الأشداء من قريش على عثمان رجعوا إليه بعد مصرعه، ولعل موقف عائشة في هذه المأساة أوضح صورة للتناقض الغريب المدهش في موقف قتلة عثمان من هؤلاء القرشيين الطامعين. قتلته عائشة بتحريضها العنيف السافر، وسعيها الحثيث النشيط، وهي تأمل عودة الحكم إلى (تيم) في شخص ابن عمها طلحة، وقتله طلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص بأموالهم ودسائسهم، وقتله معاوية وحزبه من عمال الأمويين بتخليهم عنه، وقتله مروان وآل الحكم ورفاقهم من آل أبي معيط بأنانياتهم واستخفافهم، فلما قتل وصار الأمر إلى علي بإجماع رأي المسلمين، انقلب هؤلاء جميعا دون توطئة ولا تمهيد، فإذا عثمان الظالم الكافر أمس، شهيد مظلوم اليوم!. والمؤلم في هذا التناقض أنه وجه من مرضى النفوس جندا خفوا لندائه، وأسرعوا إلى تلبيته في (وصوليته) لا تخجل من وقاحة التناقضات، بل تركب صلفها إلى المطامع، وكان من أثر هذا أن تعقدت الأمور لا في المدينة فقط بل في عواصم المملكة الإسلامية كلها، نكث طلحة والزبير وسعد بيعة علي، وتخلف عنها في المدينة نفر قليل، وانتشر الفساد في أرجاء العالم المسلم، فأبى البيعة معاوية في دمشق، وحرن أبو موسى الأشعري في الكوفة حرانا بغيضا ثقيلا، وتنبهت روح الحذر في كل مكان، فكان الرؤوس متربصين ينتظرون انجلاء الأفق.
وإننا لنعرف لشيعة علي كلهم جهدا كريما، وعزيمة
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»
الفهرست